سيدة صوما


 يبدو أن قرار الضغط على زر التفجيرات في لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين اتُّخذ بناءً على حسابات إسرائيلية دقيقة، حيث كان الهدف الأساسي إلحاق الضرر بعناصر حزب الله. ومع ذلك، تخطت النتائج الحسابات المُخطط لها، إذ أحدثت صدمة عميقة داخل البيئة الشيعية الموالية للحزب.

وما كان يُتوقع أن يأتي من الأوساط المعارضة، جاء من داخل البيئة الحاضنة لحزب الله وبيئته الداخلية، حيث كشفت هذه الانتقادات غير المسبوقة عن انقسامات حادة داخل صفوفه وبين داعميه، لتتجاوز حدود لبنان وصولًا إلى سوريا.
لم تعد هذه الأصوات المعارضة حبيسة الغرف المغلقة، بل خرجت إلى العلن بشكل واضح وصريح عبر منصات التواصل الاجتماعي، متجاوزة كل المخاوف المتعلقة بما سيأتي بعد "السحسوح".


في هذا السياق، اعتبر الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد سعيد القزح أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت أجهزة التواصل المستخدمة من قبل عناصر حزب الله تُعد جريمة حرب وفقًا للقوانين الإنسانية الدولية. وأوضح في حديث لموقعنا  أن هذه الضربة تتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، حيث تسببت بأذية العناصر المتواجدين خارج ساحات القتال، في منازلهم وبين عائلاتهم، وفي أماكن مكتظة بالمدنيين. وأشار إلى أن إسرائيل قد تواجه المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب هذه الانتهاكات.
وأكد القزح أن عملية تفجير أجهزة النداء اللاسلكية بين عناصر حزب الله تُعد أكبر عملية مخابراتية شهدها التاريخ حتى الآن، ولم تُنفذ مثلها أي دولة أخرى. وأوضح أن هذه العملية تعكس مستوى عالٍ من الاحترافية، ومن المتوقع أن تُدرّس في مختلف مدارس المخابرات والأركان حول العالم.
وأشار القزح إلى أن هذه الأحداث تُذكرنا بأن لبنان شهد أحداثًا تُعتبر فريدة عالميًا، مثل أكبر معركة جوية حدثت في سهل البقاع عام 1982، عندما أسقط الجيش الإسرائيلي 90 طائرة سورية دفعة واحدة. وأضاف أن لبنان شهد أيضًا انفجار مرفأ بيروت، الذي يُعد أكبر انفجار غير نووي في العالم، مما يعكس عمق التحديات التي واجهها ويواجهها البلد عبر تاريخه.
وختم القزح أن هذه العملية أثرت سلبًا على البيئة الداخلية للحزب.

وفي السياق ذاته، كتب العميد الركن المتقاعد حسن يوسف على تطبيق فيسبوك قبل إطلالة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله: "الأمس كان يومًا حزينًا، خسائر بشرية ومعنوية لا تُحصى. كان يومًا مليئًا بالغضب والحزن، يوم من أيام عاشوراء. خسرنا جولة، لكن بإمكاننا التعويض وتحقيق النصر النهائي. غدًا ستطل علينا يا سماحة السيد، ونعلم جيدًا مدى حزنك على الشهداء والجرحى. أطلب منك قبل الإطلالة أن تثأر لأحفاد الحسين بأي طريقة تراها مناسبة، حتى لو كانت الردود عنيفة وتشعل المنطقة بأكملها. أو أن نعضّ على الجرح ونتعاون مع الدولة للسير فورًا في تسوية مشرفة تحفظ كرامة الشهداء والجرحى، وتحافظ على ما تبقى من شباب وقرى في الجنوب. سيدي ومولاي حسن نصرالله، بدأت معركتنا في 8 تشرين لإسناد أهل غزة، واليوم، بعد سنة من الشهداء والدمار سواء في غزة أو في لبنان، نبحث عن ممر آمن للسنوار وعائلته للخروج. نحن الآن في نقطة الذروة، وأمامنا ساعات إما الهجوم أو التسوية الشاملة. حمى الله لبنان وجنوبه وشبابه وجيشه ومقاومته، وشكرًا".

على الجانب الآخر، جاءت ردة الفعل من داخل سوريا، حيث عبّر العديد عبر منصة تيك توك عن فرحتهم، مؤكدين أنهم يعتبرون حزب الله تنظيمًا إرهابيًا بسبب المجازر التي ارتكبها بحق السوريين منذ اندلاع الثورة عام 2011. ففي عام 2012، استهدف الحزب المدنيين السوريين بقصف ممنهج وسري، وفي عام 2013 تحولت هجماته إلى حرب مفتوحة، حيث دمر أحياءً سكنية بأكملها، ما أسفر عن مقتل العديد من الأبرياء وتدمير الممتلكات. واعتبر الكثيرون أن الأمين العام لحزب الله اتخذ قرارات تهدف إلى إبادة السوريين، ولم تقتصر حالات الوفاة على القصف، بل فرض الحزب حصارًا أدى إلى وفاة ما بين شخص إلى ثلاثة أشخاص يوميًا بسبب الجوع. في الوقت نفسه، تفاخر المقربون من الحزب بما فعلوه، ونشروا صورًا توثق معاناة السوريين، لذلك اعتبر العديد من السوريين أن فرحتهم اليوم تأتي كردة فعل طبيعية على ما ارتكبه حزب الله بحقهم، مؤكدين أن مشاعرهم نابعة من الألم المستمر الذي عاشوه جراء ممارسات الحزب.

(الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News")

 


المصدر : Transparency News