كتب وسيم جانبين 


في ثاني أكبر وفد يُسجل لرئيس إيراني بعد زيارة سلفه محمود أحمدي نجاد، يزور مسعود بزكشيان، الرئيس الإيراني، نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، على رأس وفد تفوق عدد العضلات وذوي القربى فيه على أصحاب التدبير والرأي السياسي. اصطحب بزكشيان معه حاشية رئاسية مكونة من أقارب وخلان، بالإضافة إلى أكثر من 40 عنصرًا للحماية الشخصية، تاركًا لسلفه أحمدي نجاد امتياز التفوق العددي في زيارته إلى نيويورك عام 2012، حيث رافقه حينها أكثر من 140 عنصرًا للحماية.


شهدت نيويورك وعدة مدن أخرى حول العالم موجة من الاحتجاجات الواسعة التي نظمها إيرانيون في المهجر، احتجاجًا على حضور مسعود بزكشيان في اجتماعات الأمم المتحدة. رفع المتظاهرون لافتات وهتفوا بشعارات تندد بالنظام الإيراني وسياساته القمعية، مؤكدين أن بزكشيان لا يمثل الشعب الإيراني، بل هو أحد أركان النظام المتورط في انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة. كانت رسالتهم واضحة وحاسمة: يجب محاسبة بزكشيان وكل مسؤولي النظام الإيراني على الجرائم المرتكبة بحق الشعب، خاصةً فيما يتعلق بالقمع الوحشي للاحتجاجات داخل إيران.

كما طالب المتظاهرون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهم تجاه الشعب الإيراني، وذلك من خلال فرض المزيد من الضغوط على النظام الإيراني لوقف هذه الانتهاكات. وشددوا على ضرورة دعم المقاومة الإيرانية التي تسعى إلى تحقيق الحرية والديمقراطية.

 

 


تأتي هذه الاحتجاجات في وقت تتزايد فيه حدة التوترات داخل إيران وخارجها، وسط دعوات مستمرة من المعارضة الإيرانية لتوحيد الجهود الدولية في مواجهة النظام القمعي.
وأكد مجيد صادق بور، عضو بارز في المقاومة الإيرانية، أن حضور مسعود بزكشيان في الأمم المتحدة يُعد إهانة لضحايا النظام الإيراني. وأشار صادق بور إلى أن النظام، منذ تولي بزكشيان منصبه، أعدم ما يقرب من 200 شخص، مؤكدًا مسؤوليته عن هذه الجرائم. وخلال الاحتجاجات، عُرضت صور وأسماء بعض الذين أُعدموا مؤخرًا أمام عدسات المصورين والرأي العام.
كما رفع المشاركون لافتات وصورًا لضحايا القمع في إيران، وهتفوا بشعارات مثل "بزكشيان لا يمثلنا" و"العدالة لضحايا النظام". وأكد أحد المتظاهرين من الجالية الإيرانية-الأمريكية أن بزكشيان متورط في جرائم النظام ولا يمثل الشعب الإيراني. وأضاف أن الإيرانيين يطالبون بتغيير حقيقي وإسقاط النظام، وليس مجرد تغيير في الوجوه.
وقال بزكشيان قبل مغادرته إلى نيويورك: "الأمم المتحدة هي إحدى أهم المنظمات والإنجازات العظيمة للإنسانية"، وأضاف: "إنها المكان الذي يجتمع فيه رؤساء العالم من أجل السلام والطمأنينة وحل النزاعات الدولية".

في تصريحات أثارت الجدل، أكد بزكشيان أن "الأمريكيين وإيران أخوة"، معبرًا عن ثقته بالنظام العالمي لحل الأزمات والنزاعات السياسية. وأشاد بالأمم المتحدة ووصفها بأنها "من أهم الإنجازات العظيمة للإنسانية".


إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله في لبنان والممول الأكبر لعملياته العسكرية، والراعية لقيادات الحزب وزعيمه حسن نصر الله، الذي يعمل - وفقًا لتصريحاته - ليل نهار لإرضاء الولي الفقيه في إيران وتنفيذ أجندته بحذافيرها، تتناقض في تصريحات رئيسها. بزكشيان يقر بوجود الأمم المتحدة والنظام العالمي، بينما نصر الله يرفض الاعتراف بها ويعتبرها جزءًا من "الشيطان الأكبر". هذا التناقض يظهر في تصريحات قادة إيران وحزب الله، مما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين نصر الله وإيران، خصوصًا فيما يتعلق بالأولويات والسياسات.


إذا عدنا قليلاً في الذاكرة، سنجد العديد من الخطابات والتصريحات لأمين عام حزب الله حسن نصر الله التي ترفض الاعتراف بالأمم المتحدة أو بأي كيان لا يعترف بشرعية سلاح الحزب. وكان آخر تلك المواقف المتناقضة هو توقيع نواب حزب الله على وثيقة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وهو اعتراف ضمني بدور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.


هذا التناقض بين المبادئ والتصريحات يطرح علامات استفهام حول نوع العلاقة بين نصر الله وإيران من حيث الأولويات. كما يثير تساؤلات عن مستقبل حزب الله في لبنان، وهل ستستمر إيران في دعمه، أم أنه قد يصبح ورقة تفاوضية في المرحلة المقبلة بين إيران والمجتمع الدولي للحفاظ على استقرار المنطقة؟ وهل سيقبل نصر الله في النهاية بترسيم الحدود البرية وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، مثل القرارات 1701 و1559، ضمن التعهدات اللبنانية الرسمية؟

؟


المصدر : Transparency News