أنطوان سلمون


"نحن أمام خيارين: لبنان القوي والغني الذي تحميه المعادلة الذهبية التي صانت لبنان خلال الأعوام الماضية، والتي يمكنها أن تحافظ على ثرواته، ولبنان الضعيف والمتسول، حيث لا قوة له في ضعفه. هذه المقاومة تؤمّن الحماية في ظل الانقسام، وتوفر الأمان للبنان بالمعادلة الذهبية التي أسس لها الانتصار عام 2000."

حسن نصرالله، 25 أيار 2022

نظرًا للوضع الحالي الذي يزداد تأزمًا وتفاقمًا، ولأن ما قاله نصرالله في عام 2022 ما زال يتكرر على مسامع اللبنانيين ويتجسد أمام أعينهم، فإن الحاجة إلى مواجهة الحقيقة ومعالجة الانفصال عنها تفرض على القارئ والمتابع، وكذلك المعنيين المباشرين وغير المباشرين، تشخيصًا جديًا وحقيقيًا يحدد مكامن العلل وأسباب الخطر الوجودي الداهم على الوطن ومكوناته، والدولة وأسسها من أرض وشعب ومؤسسات.


يثبت المنطق الدستوري والقانوني والسيادي والوطني أن الدستور يسمو فوق الاجتهادات والقرارات الحكومية والمعادلات، سواء كانت خشبية، فضية، أو حتى ذهبية. فهو يتفوق عليها من حيث القوة وضرورة الالتزام به وتطبيقه.


رغم عدم دستورية وشرعية معادلة نصرالله، فإن حزبه ومحوره استمرّا في خرق قدسية ثلاثية "الجيش، الشعب، والمقاومة". فقد أسقطوا هذه الأضلاع الثلاثة، بدءًا من حرب تموز 2006، مرورًا بتعطيل الحكومات والمؤسسات، وتخوين غالبية مكونات الشعب اللبناني، وتهديدها والاعتداء عليها وتجاوز رأيها المعبر عنه في الانتخابات الطلابية، النقابية، البلدية، والنيابية. كذلك، صادرت المقاومة دور الجيش وهمشته في عدة محطات، لن يكون آخرها قراره في اشعال جبهة الجنوب ومعها كل لبنان مؤازرة لغزة ومحور إيران، مخاطرا بحياة الملايين من الشعب الضلع الثاني في هذه المعادلة. واللافت في هذا السياق هو إقرار نصرالله بـ"الانقسام الشعبي" في عام 2022، وهو في أوجه اليوم، مما يبرز هشاشة المعادلة الذهبية غير الشرعية وغير المجدية.


وصل الأمر بالمقاومة نفسها، الضلع الثالث، إلى العجز عن حماية كوادرها وقياداتها وعناصرها وبنيتها، وكذلك اتصالاتها وسلاحها. كما فشلت في حماية بيئتها الضيقة المتضررة الأولى، كما حدث مؤخرًا منذ الثامن من تشرين الأول 2023، مرورًا بمجزرتي 17 و18 أيلول 2024، وصولًا إلى الاغتيالات والغارات الأخيرة.


بالطبع، لم تحمِ هذه المعادلة الثلاثية "المحتكرة" من قبل الحزب وحده، الأدمغة، الودائع، الثروات، ولا الرساميل الهاربة من حالة اللا أمن واللا استقرار التي تسبب بها حزب المقاومة بممارساته وإنجازاته.


في واقعنا الحالي، وبالمختصر، فإن المقاومة "القوية" - على زعم نصرالله - تتسول وقفًا لإطلاق النار من خلال وكلائها في رئاسة مجلس النواب والحكومة، معبرة عن قوة فقدت تحت الضربات والخروقات الإسرائيلية للأرض والشعب والمقاومة، مع تهميش متعمد للجيش الذي وحده المستحق والمقدر أن "يحمي ويبني".


المصدر : Transparency News