أنطوان سلمون


ما كان يُهمَس ويُقال سرًّا قبل 27 أيلول 2024، أصبح يُعلَن اتهامًا جليًا، وصراخًا عاليًا بعد تأكيد خبر اغتيال حسن نصرالله.
بالعودة إلى ما كان يُقال سرًّا عن تخلي إيران عن "مجموعاتها" في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، فقد بدأ الحديث بعد التلكؤ الإيراني في الرد على اغتيال إسماعيل هنية قبل أكثر من شهر. ترافق هذا التلكؤ مع إشارات إيجابية تجاه الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتهمها إيران اليوم بالمشاركة الفعلية في عملية اغتيال الأمين العام للحزب.
وفي هذا السياق، توجس جمهور الممانعة من تصريحات مرشد الثورة الإسلامية، الإمام علي خامنئي، في التاسع من أيلول 2024، حيث قال: "لا ضير في التراجع التكتيكي أمام العدو، والتراجع قد يكون في الميدانين العسكري أو السياسي." كما صُدمت أحزاب الممانعة بتصريحات رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران، مسعود بزشكيان، في 23 أيلول 2024، الذي قال: "إن السلام والأمن يجب أن يحلا محل الحرب وسفك الدماء في العالم، وأن إيران ليست كما تظهرها بعض وسائل الإعلام، ونحن مستعدون للعيش بسلام وأمن مع الجميع في العالم."

إن سعي جبهات الإسناد المدعومة من إيران لتحقيق الانتصار الكبير، عكس ثقةً وإيمانًا من جماهيرها بإيران كقوة إقليمية كبرى. وغالبًا ما كان قادة الممانعة، وعلى رأسهم الأمين العام الراحل للحزب، يرددون أن "لولا إيران" لما كانت هناك مقاومة، ولا حماية لسلاحها، ولا محافظة عليه، ولما تحققت الانتصارات على العدو في أعوام 1993 و1996، وتحرير عام 2000، والانتصار الإلهي في 2006.
ولأن من يُعطي الكثير ويستطيع الكثير، يُطلب منه الكثير، تذكر المراقبون وجمهور الممانعة مقولة "لولا إيران" التي قيلت في الغزوين الأمريكيين، خدمة لأعداء الممانعة. إذ كشف رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام والرئيس الإيراني السابق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، خلال خطبته في جامعة طهران في 8 شباط 2002، أن "القوات الإيرانية قاتلت طالبان وساهمت في دحرها، وأنه لولا مساعدتهم لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني." وأضاف: "يجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الشعبي الإيراني لما استطاعت إسقاط طالبان." وفي 15 كانون الثاني 2004، أعلن نائب الرئيس الإيراني محمد علي أبطحي، خلال ختام أعمال "مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل" الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي، أن بلاده "قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق"، مؤكدًا أنه "لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة."
تبقى الأسئلة المشروعة: هل أصبح استهداف قيادات الحزب ومواقعه أمرًا سهلاً؟ وما مدى الخرق الكبير الذي يطال أعلى مراتب الحزب الإيراني؟ وما الحديث عن دور عميل إيراني في الاغتيال؟ هل تتوجه الأمور في اتجاه مشابه لما حدث في أفغانستان والعراق، كما ألمح نصرالله في رسالته الأخيرة محذرًا ومتخوفًا عندما قال: "سنحتفظ بالرد على خرق البيجر واللاسلكي لأنفسنا، في الدائرة الضيقة"؟
هذا ما بات جمهور الحزب يسأله علنًا، متهمًا.

(الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News")


المصدر : Transparency News