بعد استعراض القوة! هل مفاعل إيران النووي في خطر؟
03-10-2024 09:37 PM GMT+03:00
في الأسابيع الأخيرة، أثار النظام الإيراني جدلًا واسعًا بعد إطلاقه صواريخ باليستية في منطقة متوترة بالفعل. هذه الخطوة جاءت في وقت حرج على الصعيدين الداخلي والخارجي، مما دفع المحللين إلى التساؤل حول نوايا إيران الحقيقية. هل يسعى المرشد الأعلى للنظام الإيراني، علي خامنئي، إلى تصعيد عسكري شامل في المنطقة؟ أم أن هذه التحركات مجرد محاولة لإظهار القوة أمام الداخل الإيراني والسيطرة على الأوضاع الداخلية؟
الأهداف الاستراتيجية: مواجهة الخارج أم التمسك بالداخل؟
يواجه خامنئي ضغوطًا هائلة من عدة جهات، سواء من خصومه داخل النظام أو من وكلائه الإقليميين. في الآونة الأخيرة، تعرضت إيران لهزائم متكررة وتراجع نفوذها في عدة مناطق بالشرق الأوسط، مما أضعف موقفها أمام حلفائها وخصومها على حد سواء، وآخرها كسر شوكة حزب الله، مفخرة الصناعة الإيرانية، عبر اغتيال زعيم الحزب حسن نصر الله على يد إسرائيل، العدو التاريخي كما تدعي إيران. وفي هذا السياق، جاءت الهجمات الصاروخية كمحاولة لاستعادة التوازن أمام هذه الانتكاسات.
على الصعيد الداخلي، يبدو أن الهدف الرئيسي من هذه الهجمات هو تعزيز ثقة القيادة الإيرانية أمام شعبها. فخامنئي كان بحاجة إلى إظهار القوة والقدرة على الردع، خاصة في ظل تزايد التوترات الداخلية واحتمالات الانتفاضات الشعبية بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. في خطابه الأخير، أشار خامنئي إلى أن "التراجع عن المواجهة سيؤدي إلى غضب الله"، مما يؤكد تصميمه على عدم التراجع أمام الضغوط الداخلية أو الخارجية، وبث الروح العقائدية الجهادية في صفوف الشعب، داخليًا وخارجيًا، ممن يتبعون ولاية الفقيه الإيرانية في دول محور الفوضى.
التصعيد المدروس: رسالة مزدوجة
على الرغم من أن الهجمات لم تسفر عن نتائج ملموسة على الأرض، إلا أنها حملت رسالة مزدوجة. من جهة، أراد النظام الإيراني إرسال إشارة واضحة إلى الخارج، خاصة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، بأنه لا يزال قادرًا على التحرك عسكريًا. ومن جهة أخرى، كانت الرسالة الأهم موجهة إلى الداخل الإيراني، للتأكيد على أن القيادة لا تزال قوية وتستطيع مواجهة التحديات.
ومن الجدير بالذكر أن إيران تبادلت رسائل مع الولايات المتحدة قبل وبعد الهجمات، مما يشير إلى أن التحرك كان محسوبًا بدقة لتجنب تصعيد شامل. التصريحات التي صدرت عن مسؤولين إيرانيين، مثل عباس عراقجي، بأن "إيران لا تسعى للحرب"، تؤكد هذا النهج الحذر الذي يسعى لتحقيق مكاسب داخلية دون التورط في مواجهة واسعة النطاق.
النتائج والتداعيات: نجاح دعائي أم فشل استراتيجي؟
ورغم أن الإعلام الإيراني وصف الهجمات بأنها "نجاح باهر"، إلا أن الحقيقة على الأرض تبدو مغايرة تمامًا. الهجمات لم تحقق أي مكاسب فعلية، ولم تسفر عن خسائر كبيرة للخصم، مما يبرز الطابع الدعائي لهذا التحرك أكثر من كونه خطوة عسكرية فعّالة.
وعلى الساحة الدولية، جاءت ردود الفعل سريعًا. إسرائيل هددت باتخاذ إجراءات عسكرية صارمة قد تشمل استهداف المنشآت النووية الإيرانية، بينما أعربت الولايات المتحدة، على لسان الرئيس جو بايدن، عن دعمها الكامل لإسرائيل. في الوقت نفسه، أكدت فرنسا إدانتها للهجمات، مشيرة إلى استعدادها لاتخاذ خطوات لحماية الاستقرار الإقليمي. هذا التصعيد الدبلوماسي أظهر بوضوح أن إيران زادت من عزلتها الدولية بدلاً من تحقيق أي مكاسب استراتيجية.
استعراض قوة بتكلفة باهظة
في النهاية، يبدو أن خطوة خامنئي الأخيرة كانت محاولة لحفظ ماء الوجه أمام الداخل الإيراني أكثر من كونها تحركًا استراتيجيًا طويل الأمد. النظام الإيراني سعى لإرسال رسالة بأنه لا يزال قادرًا على الصمود، لكن النتائج الحقيقية تشير إلى أنه بات أكثر عزلة، تحت ضغوط دولية متزايدة.
( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )
المصدر : Transparency News