يوسف ي. الخوري - مخرج


عشيّة اغتيال حسن نصرالله؛ سألت في مقالتي المُعنوَنة "عصفوريّة" عمّا إذا كان اللبنانيون يُريدون "احتضان حزب الله والتغطية على انتهاك إيران للسيادة اللبنانيّة، أم العمل بمشيئة بنيامين نتنياهو لإنقاذ لبنان؟" وقد أشرتُ إلى أنّ الأخير لن يرضى بأقلّ من "رؤية حزب الله يسلّم سلاحه للجيش اللبناني" بحسب ما جاء في أحد تصاريحه.


لم يزل حزب الله، والدولة اللبنانيّة، وخلفهما إيران، لا يعيرون مطلب نتنياهو أيّ اهتمام، ولا يَعون أنّ تَرف التلاعب والتذاك بات غير متاح، وأن طريق القدس قد تمّ تحويله أوتوسترادًا سريعًا في اتّجاه طهران مرورًا ببيروت.  


الوضع دقيق، والبصيرة ضرورة ملحّة كي لا نخسر وطننا بسبب قلّة الوعي وكثرة التعامي؛ لبنان واقع اليوم تحت احتلالين مباشرين هما حزب الله والتخمة الحاكمة منذ اتّفاق الطائف، واحتلال غير مباشر هو الاحتلال الإيراني، ناهيك عن الاحتلال الإسرائيلي الذي يحكم فضاءه ويستعد ليقضم أجزاء من جنوبه.


الفرصة سانحة الآن، والخيارات متعدّدة، للتخلّص من كلّ هؤلاء المحتلّين والنهوض بلبنان بقليل من الحكمة والإدراك. يجب البدء بكبح جماح الوحش القادم من الجنوب بترسانة لا قدرة لنا على ردعها إلّا بالحكمة والصدق، وبالابتعاد الكامل عن التحايل والألاعيب.


خارطة طريق. خيار أوّل:


يستسلم حزب الله لإسرائيل ليقيَ لبنان واللبنانيين مزيدًا من الخراب والهزيمة، ويسلّم سلاحه المتبقّي للقوّة الدوليّة العاملة في لبنان الجنوبي، فيتولّى القضاء اللبناني محاكمته وترتيب أوضاع أفراده، ويُمنع، كتنظيم، من أيّ نشاط سياسي أو عسكري نهائيًّا. تقطع الدولة اللبنانيّة كلّ علاقة لها بإيران لتعرّضها لسيادة واستقلال لبنان، ولاستخدامها الأراضي اللبنانيّة لشنّ حروبها الدينيّة على إسرائيل. يتمّ سحب الديبلوماسيين اللبنانيين من طهران، ويُطرد الديبلوماسيون الإيرانيون من بيروت. وأخيرًا تتعهّد الدولة اللبنانيّة بمنع أيّ نشاط عسكري ضدّ إسرائيل من جنوبي لبنان، وبالتأكيد، ما يجوز على حزب الله يجب أن يُطبّق على باقي الفصائل المسلّحة غير الشرعية على كامل أراضينا.


بهذا يكون لبنان قد تخلّص من إيران وحزب الله، وعندها يأتي دور الشعب، فإما ينقضّ على المنظومة على غرار ما حصل في ثورة 17 تشرين، وإما يذهب إلى انتخابات نيابيّة سريعة للتخلّص منها، وعسى ألّا يكرّس احتلالها للبنان مرّة جديدة بعد كلّ ما فعلته به.


خارطة طريق. خيار ثاني: (في حال لم يستسلم الحزب)


ستهزم إسرائيل حزب الله لأنّ قرار قبعه قد اتُّخذ، ويُخشى حينها أن يمتدّ ذلك إلى أكثر من منطقة لبنانيّة، لذا يكون على الدولة اللبنانيّة اللجوء إلى المجتمع الدولي والسعي إلى وضع لبنان تحت الفصل السابع، لتضعَ إسرائيل في مواجهة المجتمع الدولي والحدّ من انتقامها من لبنان توسّعًا وتدميرا. عندها ستتولّى القوات الدوليّة ردع إسرائيل ومنع الانتهاكات ضدّها من أراضينا، وسيُصبح إخراجها بالمفاوضات اسهل علينا، ويتمّ فصل لبنان عن أزمات المنطقة، لاسيّما فصله عن الصراع الإسرائيلي الإيراني الذي قد يطول. 
أمّا وأن تتجرّأ التُخمة الحاكمة على الدعوة لوضع لبنان تحت الفصل السابع، فتُستكمل الخطوة هذه بحسب ما أوردناه في "خارطة طريق – خيار أوّل" أعلاه، حتّى التخلّص من كافة الاحتلالات، لكن هذه المرّة تحت الفصل السابع ومن خارج إرادة اللبنانيين.

 
وهناك خيار ثالث متاح، لكنّه لا يتطلب خارطة طريق، ألا وهو "الدبابة الإسرائيليّة"!!!

حينها سيُمسح لبنان بالحديد والنار الإسرائيلي – الغربي، بسبب غباء الأغبياء، وجبن الجبناء، وتجّار الفرص، من دون أن ننسى ارتهان حزب الله للفقيه وبيعه لبنان للإيرانيين.
ما الذي سينفعكم إذا طار لبنان يا هؤلاء، أمّا الحكمة فتقضي أن تعلموا بأنّ هناك قواسم مشتركة لا ينبغي تجاهلها في أيّ من الخيارات الثلاثة الآنفة الذكر، وعنيتُ بها: 
المبادرة. فصل لبنان عن إيران. حياد لبنان. والذهاب إلى السلام.

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News