تتواصل معاناة النازحين الذين لجأوا إلى كورنيش بيروت البحري هربًا من القصف والدمار. وبينما أطلقت السلطات اللبنانية حملة لإزالة التعديات والمخالفات على الأملاك العامة، يجد آلاف النازحين أنفسهم بلا مأوى أو خيارات بديلة، يفترشون الأرض أو يعيشون في سياراتهم وسط ظروف معيشية قاسية، في انتظار حلٍّ يُنهي كابوسهم اليومي.


لم تتأثر العائلات النازحة من جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية، بالإضافة إلى فقراء لبنانيين وسوريين، بالحملة الأمنية التي أطلقتها السلطات اللبنانية على الكورنيش البحري في بيروت، حيث أوضحت السلطات أن الحملة استهدفت من "استغلوا الأزمة وأقاموا بسطات ونشاطات غير قانونية"، وليس النازحين أنفسهم.

ورغم ذلك، ما زال النازحون يعيشون حالة من القلق، يقضون أيامهم الطويلة على الكورنيش آملين انتهاء معاناتهم المستمرة منذ نحو أسبوعين، محاولين تدبير احتياجاتهم الأساسية مثل الطعام والمأوى، فيما اضطر البعض لاستخدام سياراتهم كملاذ مؤقت.

إزالة المخالفات

ليلة الأربعاء، شهد كورنيش "عين المريسة" في بيروت اشتباكاً بين قوى الأمن وعدد من النازحين، خلال حملة لإزالة المخالفات التي تبين أن النازحين ليسوا جزءاً منها. وأوضحت بلدية بيروت لـ"الشرق الأوسط" أن الحملة استهدفت إزالة الأسواق العشوائية التي أقيمت على الكورنيش، مؤكدة أن البلدية تواصلت مع النازحين لتأمين مراكز إيواء لهم، إلا أن بعضهم فضل البقاء في الموقع لأسباب شخصية.

بدوره، أكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي أن "التعديات على الأملاك العامة والخاصة غير مقبولة"، مشيراً إلى وجود إشارة قضائية لإخلاء تلك الأملاك. وأوضح أن إزالة المخالفات تهدف إلى حماية بيروت وسكانها، مشيراً إلى أن بيروت تستضيف أكبر عدد من النازحين.

من جهتها، أكدت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن الحملة جاءت بعد انتشار بسطات بيع المأكولات والمشروبات والنرجيلة على طول الكورنيش، مما تسبب بازدحام وفوضى، مشيرة إلى أنه سيتم نقل النازحين إلى مراكز إيواء فور تأمينها بالتنسيق مع الجهات المعنية.

 نازحون بلا مأوى

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان في 23 أيلول، نزحت عشرات العائلات من الضاحية الجنوبية والجنوب إلى الكورنيش البحري لبيروت كأول محطة، لكن مع تزايد أعداد النازحين، اضطر البعض إلى البقاء على الكورنيش لعدم توفر مأوى آخر، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار الإيجارات وانعدام قدرة مراكز الإيواء على استيعاب المزيد.

بعد مرور أكثر من أسبوعين على النزوح، لا يزال الكثيرون يفترشون الأرصفة على الكورنيش، بانتظار حلول تضع حدًا لمعاناتهم. 

رحلة نزوح مضاعفة

أحد النازحين الذين اضطروا إلى مغادرة البقاع إلى بيروت هربًا من القصف، يروي لـ"الشرق الأوسط" كيف اضطر للعيش مع عائلته في سيارته لأيام على الكورنيش بعد عجزهم عن دفع الإيجارات المرتفعة في بيروت، مما أجبرهم في النهاية على العودة إلى البقاع رغم المخاطر هناك. 

ورغم هذه الظروف القاسية، ما زال آخرون ينتظرون توفير مراكز إيواء قبل حلول الشتاء، في ظل غياب المساعدات الحكومية، وفق ما أفاد نازح آخر لـ"الشرق الأوسط".


المصدر : الشرق الأوسط