في ظل استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد لبنان، والتحركات الداخلية والخارجية المطالبة بوقف إطلاق النار، يواجه المشهد اللبناني تحديات سياسية وأمنية معقدة. تتزايد الدعوات المحلية لتطبيق القرارات الدولية وانتخاب رئيس جديد، فيما تبرز مبادرات من بعض القادة السياسيين، مثل وليد جنبلاط، لتفعيل اتفاقيات سابقة كمحاولة لتخفيف التوتر وإيجاد حلول للأزمة الراهنة. ومع ذلك، تبقى الجهود متعثرة في ظل غياب الدعم الدولي والعربي الكافي، مما يجعل الوضع مفتوحاً على سيناريوهات أكثر تعقيداً.


في ظل التطورات المتسارعة، تحرك المشهد اللبناني داخلياً عبر مطالبات بوقف إطلاق النار، تنفيذ القرارات الدولية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. جاءت هذه المطالب على وقع لقاء "دفاعاً عن لبنان" والقمة الروحية الإسلامية في بكركي، حيث ناقشت القوى السياسية والروحية هذه الأولويات الثلاثة في محاولة لدفع البلاد نحو الاستقرار وسط الهجوم الإسرائيلي المتواصل.

 

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، وليد جنبلاط، عاد إلى طرح اقتراحات سابقة تتعلق بالعودة إلى اتفاقية الهدنة، وقد توافقت الأطراف المشاركة على أهمية هذه الثوابت. وعلى الرغم من أن تحركاً سياسياً وروحياً من هذا النوع قد لا يتمكن سريعاً من فرض خارطة طريق واضحة، فإن عدم اتخاذ أي خطوات فعلية محلياً يُعتبر استسلاماً قاتلاً للوضع الراهن.

 

نجاح لقاء معراب أو القمة الروحية في بكركي لا يشكل المحور الأساسي، بل الأهم هو تبلور موقفين متجانسين في البلاد قبل اندلاع الحرب، يعارضان جر لبنان إلى الصراع ويرفضان الانخراط في دعم جبهة غزة. ولكن السؤال الذي يظل مطروحاً هو: ما السبيل لوقف إطلاق النار وإنهاء الدمار؟ الإجابات غير واضحة، مع تزايد الحديث عن جهود محلية ودولية لتهدئة الأوضاع، إلا أن السيطرة الفعلية على الأرض لا تزال تفرض واقعاً معقداً لا يبدو أنه سيُحسم قريباً.

 

بحسب مصادر سياسية، فإن الدعوات لوقف إطلاق النار لا تزال قائمة من خلال اتصالات خارجية وضغط محلي من بعض القوى، ولكن لم تتبلور بعد جهود جادة لوقف الحرب. كما أن التوقعات تشير إلى أن أمد الحرب قد يطول، خاصة في ظل سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحقيق أهدافه. وعلى الرغم من الأصوات داخل إسرائيل المطالبة بوقف الحرب، إلا أنها لم تصل إلى مستويات كافية للتأثير على مجريات الأحداث.

 

المصادر ذاتها تؤكد أن إسرائيل ماضية في استراتيجيتها، مع نية استثمار اغتيال يحيى السنوار، مع استعدادها للرد على إيران. أما على الساحة اللبنانية، فإن اغتيال قائد عملية "الطوفان الأقصى" لن يثني إسرائيل عن مواصلة اعتداءاتها، بل قد يزيد من حدة السيناريو العسكري. هذه التطورات تزيد من المخاوف بشأن مستقبل التصعيد، في ظل غياب أي ضمانات حقيقية لخفض التوتر، مما يجعل الوضع أكثر تأزماً، ويُنذر بانعكاسات سلبية كبيرة على لبنان في مختلف القطاعات.

 

في ظل هيمنة الحرب على المشهد، يبدو أن الأزمة الرئاسية في لبنان ستبقى مؤجلة رغم الحراك السياسي. فالملف الرئاسي يرتبط بدور الرئيس المقبل في المرحلة الحالية والمستقبلية، وهذه النقاشات لم تكتمل بعد، بعيداً عن مسألة النصاب والأصوات. وبالنسبة للقرارات الدولية 1701 و1680 و1559، التي تناولها لقاء معراب الأخير، فهي مسؤولية الرئيس والحكومة المقبلة، مع احتمالية تعديل القرار 1701.

 

جنبلاط من جانبه متمسك بالعودة إلى اتفاق الطائف واتفاقية الهدنة، إذ يرى فيهما مدخلاً ضرورياً للحل، ويحظى بتأييد من بعض الأطراف. لكن أي حراك محلي سيبقى محدوداً ما لم يحظَ بدعم عربي ودولي سريع. فهل سيبادر أحد لإنقاذ لبنان؟ وهل هناك من يملك الشجاعة لاتخاذ تلك المبادرة؟

 

 


المصدر : اللواء