في ظل استمرار القصف الإسرائيلي المتصاعد منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، يشهد لبنان أزمة نزوح كبيرة حيث اضطر أكثر من مليون شخص لترك منازلهم واللجوء إلى مناطق أكثر أماناً. ومع اكتظاظ مراكز الإيواء، التي تم إنشاؤها بشكل سريع داخل المدارس والمرافق العامة، تبرز مخاوف جدية من انتشار الأوبئة والأمراض، خاصة مع تدهور الأوضاع الصحية وغياب خطة حكومية شاملة لمواجهة التحديات المتزايدة.


يعيش لبنان أزمة إنسانية حادة جراء موجة النزوح الضخمة التي شهدها مؤخراً، حيث فرَّ أكثر من مليون شخص من منازلهم بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل منذ ثلاثة أسابيع. المدارس، التي تحولت إلى مراكز إيواء، تعج بالنازحين، وسط مخاوف متزايدة من تحولها إلى بؤر للأوبئة في ظل غياب خطة حكومية لمواجهة هذه التحديات.

تحذيرات من تفشي الكوليرا

حذرت منظمة الصحة العالمية من ارتفاع خطر انتشار الكوليرا في لبنان، بعد تأكيد أول إصابة بالعدوى البكتيرية الحادة، نتيجة لتدهور الأوضاع الصحية وسط النزوح الجماعي. وقال عبد الناصر أبو بكر، ممثل المنظمة في لبنان، إن وصول الكوليرا إلى النازحين قد يؤدي إلى انتشار سريع للمرض. يأتي ذلك في وقتٍ أفادت وزارة الصحة اللبنانية باكتشاف حالة محتملة للكوليرا لدى سيدة من شمال لبنان.

الكوليرا، التي تنتقل عبر المياه والأطعمة الملوثة، تشكل خطراً كبيراً في ظل تردي الأوضاع الصحية والنقص الحاد في مياه الشرب النظيفة بين النازحين. وبالإضافة إلى الكوليرا، تم رصد حالات للجرب في مراكز الإيواء في بيروت والشمال، مما يزيد من التحديات الصحية.

خطة طوارئ صحية

استجابةً للأوضاع المتدهورة، وضعت وزارة الصحة اللبنانية خطة لمواجهة تفشي الأمراض بالتعاون مع الهيئات الطبية. وصرح نقيب أطباء لبنان، الدكتور يوسف بخاش، بأن فرقاً طبية بدأت بزيارة مراكز الإيواء بشكل دوري لفحص النازحين وعزل المصابين. وأوضح بخاش أن الوزارة تدرس إطلاق حملة تطعيم ضد الكوليرا والإنفلونزا وفيروس "كورونا" مع اقتراب فصل الشتاء.

أمراض أخرى تلوح في الأفق

إلى جانب الكوليرا والجرب، يشير خبراء إلى احتمالية انتشار أمراض أخرى مثل الإنفلونزا والسل بسبب الاكتظاظ في مراكز الإيواء وضعف التهوية. الدكتور مارسيل الأشقر، مدير مختبر مستشفى النيني في طرابلس، أكد أن غياب النظافة الشخصية وتردي الظروف المعيشية يساهمان في انتشار الأمراض الجلدية والتنفسية. وحذر الأشقر بشكل خاص من مرض السل، الذي يعدّ من الأمراض المعدية الخطيرة.

حملات لرصد الأوبئة

تسعى المستشفيات والجمعيات المحلية إلى السيطرة على الوضع الصحي من خلال حملات ميدانية لرصد الأمراض وتوفير الرعاية الطبية. مستشفى النيني بالتعاون مع جمعية "أجيالنا"، يقومان بزيارات دورية للنازحين عبر عيادات متنقلة، لتقديم العناية الطبية وتوزيع الأدوية الضرورية بهدف الحد من انتشار الأوبئة.

في ظل هذه التحديات، تبقى المخاوف قائمة حول تفشي الأمراض بين النازحين، ما يستدعي تكثيف الجهود المحلية والدولية لمواجهة الأزمة الإنسانية والصحية التي يمر بها لبنان.


المصدر : الشرق الأوسط