تنتشر في وسائل الإعلام مؤخرًا سردية جديدة مفادها أن إسرائيل تشترط انتخاب "رئيس معتدل" في لبنان. ويأمل الإسرائيليون أن يساهم هذا الرئيس، بطابعه المعتدل، في تحقيق أجندة إسرائيلية عبر منع حزب الله من النهوض والتعافي من جديد، بما يضمن استمرار المقاومة ضد إسرائيل وتهديد أمنها.


وربما هذه السردية، حتى لو كانت صحيحة دون تبني محتواها بالكامل، قد أعطت حزب الله حجة للامتناع عن انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الراهن، تجنبًا لتحقيق أهداف إسرائيلية، حتى لو كان ذلك على حساب الدولة اللبنانية. وهكذا، تعود المعادلة التي يسعى حزب الله إلى تقديمها، ولو بشكل ضمني، وهي أنه لا يمكن انتخاب رئيس قبل انتهاء الحرب، مع تأكيد ارتباط جبهة لبنان بجبهة فلسطين.

وقد تتعارض هذه السردية مع المطالب الصادرة عن الاتفاق الثلاثي الذي يجمع بري وجنبلاط وميقاتي، حيث تدعو هذه اللجنة، في أكثر من مناسبة، إلى تطبيق القرار 1701 بالكامل دون تعديله، وتطالب بانتخاب رئيس توافقي يجمع اللبنانيين. وقد صدر هذا الموقف عن الرئيس بري، المكلّف من حزب الله بالتفاوض باسمه في الملف الرئاسي، لانشغال الأخير في ساحة الميدان.

وعلى هذا الأساس، من المرجح أن يعترف الرئيس بري تدريجيًا بهذه السردية، فتصبح حجته الجديدة لتأجيل انتخاب الرئيس حتى إشعار آخر، كوسيلة سياسية لمواجهة العدو، إنما على حساب اللبنانيين وحرمانهم من رئيس قادر على القيام بدوره على الساحة الدولية.