الحزب "الأنتي - دولة".. وزمن الأرانب
26-10-2024 02:04 PM GMT+03:00
بين "حزب الله" وكرسي الرئاسة كراهية قديمة وعداوة متأصلة. رفض الحزب وحلفاؤه انتخاب رئيس للجمهورية قبل الحرب الحالية، وعَرقلوا مسار الديمقراطية وأصرّوا على اسم سليمان فرنجية.
كان هدفهم الفراغ، وحققوه. يُفضل الحزب الفراغ على أي رئيس شرعي، إذ تعتريه الريبة من أي شرعية قد تنقلب عليه أو ترفض الدفاع عنه وعن سلاحه ومصالحه. طرحوا اسم فرنجية ليس لإيصاله، بل لأنهم يعلمون أن الجميع يرفض هذا الاسم. حتى فرنجية نفسه يعلم أن حظوظه معدومة، وأن خروجه من زغرتا لن يتحقق، وقدره المكتوب هو أن يبقى في "الزاوية".
كره الحزب للدولة متأصل فيه. منذ البدايات، راكم قوته كمنظمة مقاتلة خارج كنف الدولة وخارج الشرعية، وتحوّل مع الوقت إلى دولة داخل الدولة. لم تكن شرعيته وقدرته يوماً منبثقة من الدولة اللبنانية، بل من كونه يمثل لأنصاره "الأنتي - دولة".
سلاحه هو الإيديولوجيا، والذخائر، والعلاقة العضوية مع إيران. لا يعترف "بإيديولوجية الدولة اللبنانية" ولا بالصيغة اللبنانية. لا يعترف بحصرية سلاحها الشرعي، ولا بعلاقاتها "الجيدة" مع الغرب ودول الخليج. مبرر وجود الحزب عند أنصاره كان أنه يمثل نقيض الدولة اللبنانية وكل ما يكرهه بقية اللبنانيين.
أتت الحرب، وبدأ الحزب يتفكك وراح يبحث عن مخرج لأزماته. رأى، عبر "الأخ الأكبر"، أن الوقت مناسب لانتخاب رئيس. أخرج نبيه بري أرنباً من قبعته وطرح انتخاب رئيس سريعاً "لينقذ الحزب". توفي الأرنب، وذهبت المبادرة أدراج الرياح، فحتى جبران باسيل وسمير جعجع لم يعيراها أي اهتمام. انتهى زمن الأرانب، وموقع الرئاسة لن يُعبّأ بعد اليوم بمبادرات خارجة من عين التينة.
لا رئيس الآن، ليس لأن نبيه بري عاد واشترط انتهاء الحرب لانتخاب رئيس، بل لأن مبادراته لم تعد مدفوعة بقوة "حزب الله" الافتراضية. لا يزال يمانع انتخاب رئيس عبر جلسات دستورية طبيعية في مجلس النواب، فيما خصومه الذين لم يتراجعوا عن منع مخططاته يوم كان الحزب في قمة قوته، لن يتراجعوا أبداً اليوم في زمن انحطاطه.
انتهى زمن أرانب بري. آن الأوان لعودة الدولة والديمقراطية... ونهاية زمن بري وألعاب الخفة.
المصدر : Transparency News