كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إمكانية وقف إطلاق النار في لبنان، وأن الحرب شارفت على نهايتها، خاصةً وأن إسرائيل نفذت معظم أهدافها ضد حزب الله ونجحت في اغتيال عدد من قادته، وعلى رأسهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله. كما شملت سلسلة الاغتيالات قادة من الصف الأول والثاني والثالث، بما فيهم قادة عسكريون وأمنيون مدربون على أعلى المستويات.


 إضافةً إلى ذلك، تم تدمير جزءٍ لا يستهان به من القواعد العسكرية وقدرات الحزب الصاروخية وأنفاقه وبنيته التحتية، مع فرض خناق مشدد من إسرائيل لمنع إمداد الحزب بالأسلحة والصواريخ الإيرانية. ولكن، هل يعني ذلك أن الحرب شارفت حقًا على نهايتها؟
تشير مصادر متابعة لهذا الملف إلى أن أمد الحرب في لبنان قد يطول لأشهر، خاصةً وأن نتنياهو مصمم هذه المرة على ضرب البنى التحتية والأمنية والعسكرية التابعة لحزب الله بما يضمن أمن المستوطنات الشمالية لأكثر من عشرين عامًا. وعلى الرغم من أن نتنياهو قد حقق عدة أهداف في لبنان، لا تزال هناك أهداف أخرى لم تتحقق، منها عمليات اغتيال قد تستهدف مسؤولين أمنيين وسياسيين في الحزب، بالإضافة إلى مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني المتواجدين على الأراضي اللبنانية، حيث يشرف بعضهم على العمليات الميدانية في الجنوب.

وتستبعد المصادر أن تؤدي نتائج أي اتفاق قد يتم التوصل إليه في قطر لوقف الحرب في غزة إلى تأثير مباشر على الجبهة اللبنانية، معتبرةً أن الجبهتين منفصلتان في حسابات نتنياهو العسكرية. فعلى الرغم من أنه ربط بينهما بشروط وقف إطلاق النار في لبنان، عندما قال إنه مستعد لوقف الحرب بشرط إفراج حماس عن الرهائن وتجريد حزب الله من سلاحه، إلا أن هذا التصريح يدخل ضمن مناورات نتنياهو المعتادة. وتضيف المصادر أن إمكانية الوصول إلى حلّ في غزة ليست مستبعدة اليوم، خاصةً بعد مقتل يحيى السنوار، بخلاف جبهة لبنان التي لا تزال معقدة، حيث يعتمد نتنياهو على استنزاف قدرات حزب الله العسكرية والتضييق عليه لمنع إمداده بأي نوع من الأسلحة برًّا أو بحرًا أو جوًّا.
من هذا المنطلق، فإن الحرب في لبنان قد تستمر حتى إنهاك الحزب عسكريًّا وماليًّا وشعبيًّا، خاصةً إن لم تتأجل محاكمة نتنياهو وأصرت المحكمة على حضوره للإدلاء بشهادته؛ عندها قد يلجأ إلى إطالة أمد الحرب. وتشير المعلومات إلى أن فريق الدفاع عن نتنياهو سيطلب من المحكمة تأجيل محاكمته، بحجة تعرضه لتهديدات بالقتل من قبل إيران وحزب الله.
وعليه، من المرجح أن يعمد نتنياهو إلى إطالة الحرب على الجبهة الشمالية، مع إصراره على تنفيذ القرار 1701 بنسخة جديدة تتضمن دخول قوات متعددة الجنسيات إلى لبنان، مع الحفاظ على وجود قوات اليونيفيل، فضلاً عن مراقبة الحدود البرية والجوية والبحرية لمنع تسليح حزب الله مجددًا بما يضمن أمن المستوطنات، إلى جانب السماح لإسرائيل بشن غارات على أي تحرك من حزب الله يهدد أمنها وسلامتها.

في المقابل، يرفض الجانب اللبناني أي تعديل على القرار 1701، ويصر على تطبيقه بكامل بنوده كما تم الاتفاق عليه في عام 2006، وهو ما يرفضه نتنياهو. لذلك، يبدو أن الحرب ستستمر في لبنان لأشهر، بغض النظر عن توجهات الإدارة الأميركية الجديدة.


المصدر : Transparency News