ريمون متري


بنظرة إلى الوراء، أضاعت القيادات اللبنانية المتعاقبة 18 عاماً من الفرص الدبلوماسية الثمينة. كان بالإمكان التفاوض على نزع السلاح مقابل ضمانات لأمن لبنان وسلامة حدوده وتنميته الاقتصادية، لكن ذلك كان يتطلب وجود رجال دولة حقيقيين يضعون المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.
لو تم تطبيق قرار 1701 في لبنان منذ 18 عاماً، وأُعلن حياده على غرار النموذج السويسري، وأُصلح نظامه القضائي، وتم ترسيخ المحاسبة، ورفع الحصانات، وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة، وإغلاق المدارس المتطرفة، وتحديث نظامه التعليمي، وتحويل إدارته إلى النظام الرقمي، لكان لبنان اليوم من أسعد الدول ولتمكن من القضاء على الفقر.
نعم، كان ذلك ممكناً في السنوات الـ18 الماضية. ورغم أن ذلك لم يحدث، يجب أن نفكر في التنفيذ الآن. لبنان، بموارده البشرية الغنية، قادر على المساهمة في السلام ورفاهية البشرية. لم يفت الأوان بعد، ويجب أن نتطلع إلى الأمام.
واجه لبنان واقعاً مؤلماً: من جهة، استأثر الثنائي بالقرار السيادي للدولة، ومن جهة أخرى، انشغل معظم الزعماء المعارضين له بمصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة. وهكذا، تشكلت معادلة مؤسفة جمعت بين السلاح والفساد، مما أدى إلى تقويض أسس الدولة وسيادتها.
بعد إخفاق جميع القوى السياسية التقليدية في إدارة شؤون الدولة، بات لبنان بحاجة إلى سلطة انتقالية تضم كفاءات وطنية مشهود لها بالنزاهة والتجرد والخبرة، بعيداً عن المصالح الفئوية. مهمتها ستكون رسم مسار جديد للبنان يرتكز بشكل أساسي على مبادئ المحاسبة والشفافية.
المستقبل يبقى مفتوحاً على الأمل والإمكانيات. فلبنان، بموارده البشرية الاستثنائية وطاقاته الإبداعية، قادر على النهوض والمساهمة في صنع السلام وتحقيق الازدهار. لم يفت الأوان بعد للبدء في تنفيذ هذه الرؤية. فلنتطلع معاً إلى غدٍ أفضل ولنعمل على تحقيقه.