بين "نعيم" الحزب ونعيم لبنان
منذ 1 ساعة
لا يمكن للبنان الوصول إلى بر الأمان إلّا بالعودة إلى كنف الدولة بمؤسساتها ودستورها وشرعيتها، وجعلها هي صاحبة القرار، وتقديم المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. ومع تحقيق هذه العودة الضرورية، تتحقق بدورها السيادة اللبنانية، مستندةً إلى معادلة واضحة وثابتة هي الجيش والشعب والدولة.
يطلّ الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، بخطاب مليء بالتناقضات التي لا تصيب الحزب وحده، إنما الدولة اللبنانية بكاملها. فلا يمكن الجمع في خطاب واحد بين إعلان الاستمرار في الحرب وجرّ الدولة إليها، وبين المطالبة، في الوقت نفسه، بدور الجيش لضبط الحدود البحرية ومساءلته عن أي حادثة. ويبدو أن خطاب قاسم، المتعصب ضد الغرب، يزيد من وتيرة هجومه على الجيش اللبناني وقائده، متهماً إياه مراراً بالخضوع للولايات المتحدة، وكأن عقيدة حزب الله ليست، بوضوح، منبثقة من مشروع إيراني.
إن اهتمام قاسم بالسيادة الكاملة للدولة اللبنانية وجعلها غير منقوصة، لا يبرر من الأساس انخراطه وحزبه في حرب مع الخارج دون قرار صادر عن الحكومة، إلا إذا كان حزب الله يعتبر نفسه فوق قرار الدولة. فما بدأه الحزب على الأقل بإعلان جبهة الإسناد من داخل لبنان يُعدّ من أكبر خروقات السيادة اللبنانية ضمن قائمة طويلة من الانتهاكات.
حتى فرضه أسلوب عقد المفاوضات وتكليف رئيس مجلس النواب بهذه المفاوضات، باعتباره "صاحب المقاومة السياسية"، يمثل خرقاً إضافياً للسيادة اللبنانية، من خلال احتجاز صلاحيات رئيس مجلس النواب لصالح الحزب، وسلب مكانة الحكومة، إذ هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن المفاوضات وعن إيجاد حل للأزمة التي أدخلنا فيها حزب الله.
وحتى ذلك الحين، يُطلب من المسؤولين في الدولة اللبنانية العودة إلى القرار السياسي المؤسساتي، والاحتماء بالجيش اللبناني وحده، وتنفيذ القرارات الدولية اللازمة، لتخليص لبنان من "نعيم" الحزب وبؤس الحرب، والوصول إلى نعيم لبنان.