في مرحلة حاسمة يمر بها لبنان، ومع تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يعيش أبناء العاصمة بيروت في ظل واقع مأساوي يصعب وصفه. وسط هذا الدمار، يبدو أن الغياب بات السمة الأبرز لنواب ومسؤولي المدينة. هؤلاء الذين كان يُفترض بهم أن يكونوا في طليعة من يُدافع عن حقوق الناس ويعالج مشاكلهم، اكتفوا بالظهور عند اقتراب موسم الانتخابات لإطلاق وعود فارغة، تلاشت سريعًا بمجرد انتهاء الحملات الانتخابية.


لم تشهد بيروت من هؤلاء السياسيين سوى غيابهم المطبق، وظهورهم الإعلامي الذي ينحصر في التصريحات الرنانة أو جولات “الاستعراض” في أعقاب الكوارث، دون أي خطوات فعلية. ومع أن واجبهم هو السعي لتخفيف المعاناة، إلا أنهم تركوا المواطن يواجه مصيره وحيدًا، مشغولين في صفقات ومصالح شخصية تضاعف ثرواتهم وتبقيهم في دائرة الفساد. حزب المستقبل، على سبيل المثال، الذي اعتاد أن يقدم نفسه كصوت بيروت، غائب تماماً عن المشهد في هذه المرحلة، رغم التحديات الهائلة التي تواجه العاصمة. ومعه كذلك، غابت معظم الشخصيات المتنفذة والمتمولة، التي لا يشغلها سوى تكديس الأموال، غير مكترثة للخراب الذي يعصف بالمدينة وأبنائها.

مخزومي: العمل الجاد مقابل الاستعراض السياسي

وفي ظل هذا التقصير، يظهر النائب فؤاد مخزومي بصورة مختلفة تماماً. فقد أدرك منذ البداية خطورة الوضع واستشرف المخاطر قبل تفاقمها، مما دفعه لتبني مبادرات جادة لحماية العاصمة، ليس فقط على الصعيد الخدمي، بل على المستوى السياسي والدولي أيضاً. بادر مخزومي بجهود منفردة لفرض تطبيق القرار 1701، وسعى من خلال زياراته إلى واشنطن وأوروبا والأمم المتحدة للضغط على الجهات المعنية بتأمين استقرار لبنان ومنع الانزلاق نحو الفوضى.

إنجازات ملموسة

أحد أبرز إنجازات مخزومي تمثّل في المبادرات التي أطلقها لحماية الممتلكات العامة والخاصة، خاصة خلال موجة النزوح الأخيرة، حيث ساهمت جهوده في الحد من الأضرار التي كان يمكن أن تطال أحياء وشوارع بيروت. قدم مساعدات نوعية على الأرض لدعم القطاعات الصحية والإغاثية، مكنته من المساهمة في احتواء أزمة النزوح في الأيام الأولى لها، ولا يزال ملتزماً بتقديم الدعم لمواجهة تداعياتها.

دور مؤسسة مخزومي منذ بدء الحرب

لعبت مؤسسة مخزومي دوراً ريادياً في دعم الاستقرار الاجتماعي للعاصمة وتقديم الخدمات الإغاثية. مع بدء الحرب على لبنان، حشدت المؤسسة الفرق التطوعية والميدانية لتقديم الإغاثة للنازحين، ووزعت مياه الشرب وحصصاً غذائية على العائلات لتلبية احتياجاتهم الأساسية. منذ اللحظات الأولى للأزمة ونزوح العائلات، بدأت المؤسسة بتوزيع مستلزمات أساسية شملت فرشات نوم وأغطية ووسائد، بالإضافة إلى مستلزمات النظافة الشخصية ومنتجات التنظيف والتعقيم. وتم توجيه هذه المساعدات لأكثر من 239 مركز إيواء في كل من بيروت، جبل لبنان، وطرابلس.

إلى جانب هذا الدعم الإنساني العاجل، عززت المؤسسة صمود السكان عبر برامج تشمل تقديم الرعاية الصحية، وتنفيذ برامج تدريب مهني، وتعزيز التوعية المجتمعية. ساهمت هذه الجهود مجتمعة في تخفيف المعاناة عن الأهالي، وتركت بصمة واضحة على حياة المواطنين.

معاناة بيروت وغياب الحلول

تعيش بيروت اليوم أزمة خانقة نتيجة تراكمات متعددة؛ من تدهور اقتصادي لا يرحم إلى أزمات البنية التحتية المهترئة وانقطاع الكهرباء المستمر، وغلاء الأسعار الذي يُثقل كاهل المواطنين. ومع تضاعف أزمة النازحين، التي زادت من الضغوط على المدينة، بات سكان العاصمة يعانون من نقص الخدمات الأساسية وغياب شبه تام للرعاية الصحية. ومع ذلك، لم نرَ من المسؤولين سوى تجاهلهم للواقع الأليم، وترك المواطنين ليصارعوا وحدهم من أجل البقاء.

صندوق الدعم الصحي لأئمة وخطباء مساجد بيروت

أطلقت مؤسسة مخزومي صندوقاً للدعم الصحي يهدف إلى تقديم الرعاية الصحية لأئمة وخطباء مساجد بيروت، تحت إشراف دار الفتوى وبالتعاون مع سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. المبادرة تهدف لتعزيز الالتفاف حول مرجعية دار الفتوى، وتقوية دورها الوطني، ودعم علماء الدين الذين يحملون رسالة الإسلام الوسطي ويشكلون جسرًا لنشر القيم المعتدلة ونبذ التطرف.

الحاجة إلى تغيير جذري

إذا كانت بيروت اليوم على شفا الانهيار، فذلك يعود بشكل كبير إلى إهمال وتقصير المسؤولين الذين تعهدوا بخدمة الناس وتخلّوا عن واجبهم. وفي وقت الأزمات الحادة، يبرز فؤاد مخزومي كأحد القلائل الذين يفعلون أكثر من مجرد الكلام. فهو يعمل باستمرار ويبتكر حلولاً لخدمة المدينة، مؤكدًا أن الإصلاح الحقيقي يتطلب جهودًا صادقة ومستمرة، وليس مجرد تصريحات في أوقات الأزمات.

لقد آن الأوان ليحاسب أهل بيروت نوابهم ومسؤوليهم، ليس فقط على وعودهم الكاذبة، بل على غيابهم المعيب وتخاذلهم في وقت الحاجة.


المصدر : Transparency News