خليل الكردي


 في تطورات لافتة خلال الساعات القليلة الماضية، شهد العالم موجة من التغييرات الكبيرة التي نُسبت إلى تأثير دونالد ترامب، حتى قبل عودته الرسمية إلى الساحة السياسية. خلال 48 ساعة فقط، برزت سلسلة من التحولات الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أظهرت مدى تأثير الرئيس السابق.

أبرز هذه الأحداث كان تعيين ترامب لأول امرأة في منصب رئيسة موظفي البيت الأبيض، في خطوة تاريخية تناقض الانتقادات السابقة التي وصفته بالتمييز ضد النساء، مما يعكس تحولًا نحو تعزيز الشمولية في إدارته المقبلة.

وعلى الصعيد الدولي، أعلنت حركة طالبان بشكل غير متوقع رغبتها في السلام مع الولايات المتحدة ومطالبتها بالخروج من قائمة المنظمات الإرهابية، في إشارة إلى إمكانية فتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية-الأفغانية قد تعيد تشكيل خريطة الأمن الإقليمي.

وفي خطوة مفاجئة أخرى، صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الحضارة الغربية ليست عدوًا، مما يوحي بتغيير في طبيعة العلاقات بين الشرق والغرب. ينسجم هذا التصريح مع مناشدة رئيس الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة ببدء تصدير الغاز الطبيعي المسال، في محاولة لتقليل الاعتماد على الطاقة الروسية وتعزيز الروابط الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوروبا.

أما في المكسيك، فقد بدأت الحكومة بتأمين حدودها استجابة لتهديدات ترامب بفرض التعريفات الجمركية، ما يثبت أن الضغط الاقتصادي يمكن أن يُثمر عن تعاون فعلي في مسائل الأمن الحدودي. وبالتزامن، أعلنت قطر عن طرد قيادات حركة حماس، مما يشير إلى تحول جذري في سياسات الدولة الخليجية تجاه الجماعات المتطرفة.

وفي نيويورك، بدأت السلطات باتخاذ خطوات لمعالجة أزمة المهاجرين غير الشرعيين، في خطوة تهدف إلى استعادة النظام والاستقرار.

من جانبه، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى التعايش السلمي واحترام الشعب الأمريكي، في تغيير واضح في السياسة الدبلوماسية للصين، يأتي في وقت حساس للغاية حيث تُعد العلاقات الأمريكية-الصينية محور الاستقرار الاقتصادي العالمي.

وامتد تأثير ترامب إلى اليمن، حيث أفادت تقارير بانخفاض حدة التصعيد من قبل الحوثيين، في حين دعت حركة حماس إلى وقف فوري للصراع، مما يوحي بأن نهج ترامب قد يكون له تأثير مهدئ على التوترات المستعرة في الشرق الأوسط.

وعلى الصعيد الداخلي، لاقت دعوة ترامب لفرض حدود زمنية لخدمة أعضاء الكونغرس اهتمامًا متزايدًا، وهي مبادرة تهدف إلى إنهاء عهد السياسيين الدائمين واستبدالهم بقادة جدد، مما قد يلقى صدى لدى المطالبين بإصلاحات سياسية جذرية.

اقتصاديًا، عكست الأسواق هذا التفاؤل، حيث سجلت الأسهم والعملات الرقمية ارتفاعات قياسية، ما يُعد مؤشرًا واضحًا على ثقة المستثمرين. تزامنت هذه الانتعاشة مع تقارير تفيد بتراجع شخصيات مثل كامالا هاريس وهيلاري كلينتون، مما يعزز الانطباع بحدوث تحول زلزالي في المشهد السياسي.

ومع ذلك، لم تكن جميع الردود إيجابية، إذ تشير تقارير إلى استجابة متشككة من بعض الأصوات التقدمية، وخاصة بين النساء الليبراليات البيضاوات، التي دعت إلى احتجاجات اجتماعية.

في الختام، تبدو أمريكا على أعتاب تغييرات جوهرية، حيث أثار تأثير ترامب موجة من التفاؤل والجدل على حد سواء. هذه التطورات تشير إلى حقبة جديدة من الاستراتيجيات الجيوسياسية، وتمكين اقتصادي، وإعادة ترتيب اجتماعي. وما إذا كانت هذه التحولات ستؤدي إلى استقرار وازدهار طويل الأمد، فذلك سؤال سيجيب عنه الزمن، ولكن ما لا شك فيه أن الشعور بالتغيير أصبح ملموسًا ولا يمكن إنكاره.