يلعب قطاع تحويل الأموال دورًا حيويًا في الاقتصاد اللبناني، خاصة بعد الانهيار الاقتصادي الكبير الذي شهدته البلاد عام 2019. فقد تسبب هذا الانهيار في شلل القطاع المصرفي الخاص وانقطاع شبه تام للعلاقات المالية بين لبنان والعالم، مما دفع المواطنين والمغتربين إلى الاعتماد بشكل كبير على شركات تحويل الأموال المرخصة والمعتمدة.


أصبحت هذه الشركات الوسيلة الأساسية لإدخال ملايين الدولارات سنويًا من المغتربين اللبنانيين إلى عائلاتهم داخل البلاد، مما أسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية وتأمين الاستقرار المالي والنقدي. ورغم الظروف الصعبة التي مر بها لبنان، التزمت غالبية هذه الشركات بأعلى معايير الشفافية والامتثال للقوانين الدولية.

التزام الشركات بمعايير الامتثال الدولية
تُعد شركات تحويل الأموال في لبنان نموذجًا للامتثال للمعايير الدولية الصارمة، والتي تشمل:

  • الامتثال للوائح العقوبات الدولية، مثل OFAC والاتحاد الأوروبي.
  • مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عبر أنظمة مراقبة متطورة وآليات تصنيف المخاطر.
  • تطبيق آليات “اعرف عميلك” (KYC) لضمان توثيق عمليات التحويل وتحديد مصادر الأموال.
  • اعتماد أنظمة رقابة رقمية دقيقة عبر تقنيات مثل Automated Screening لضمان توافق العمليات مع اللوائح الدولية.
  • كل عملية تحويل تخضع لتوثيق شامل، مما يضمن إمكانية تتبعها في أي وقت. ويُعد ذلك التزامًا صارمًا تجاه الشفافية والممارسات الدولية.

الشبهات ضد بعض الشركات: قضية “ويش موني” نموذجًا
رغم الدور الإيجابي لشركات التحويل، ظهرت تقارير دولية أثارت شبهات حول بعض المؤسسات. في هذا السياق، نشرت صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية تقريرًا عن شركة "ويش موني" (Whish Money)، متهمةً إياها بالتورط في تمويل أنشطة حزب الله العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن الشركة تُدار من قبل مواطنين سوريين ولها أكثر من 900 فرع في لبنان، وتُستخدم خدماتها بشكل متكرر من قبل "هيئة دعم المقاومة الإسلامية"، وهي منظمة مصنفة إرهابية وفقًا للقانون الأمريكي. وزعم التقرير أن الشركة لعبت دورًا في تحويل الأموال لجمع تبرعات لصالح حزب الله، بما في ذلك شراء طائرات مسيرة وصواريخ.

كما تم ذكر اسم الشركة في تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في حزيران 2023، والذي وصفها بأنها واحدة من أبرز الجهات في الاقتصاد النقدي غير المنظم في لبنان. ودعا التقرير إلى فرض عقوبات دولية على الشركة بسبب صلاتها المزعومة بحزب الله.

ضرورة الفصل بين القطاع والشبهات الفردية
في ظل هذه التطورات، يجب التعامل بحذر مع الشبهات المثارة. إن أي تورط لشركة ما في أعمال مشبوهة يجب أن يُترك للقضاء اللبناني والدولي للتحقيق والمحاسبة. ومع ذلك، فإن التعميم على القطاع بأكمله يضر بسمعته ويهدد استمراريته.
قطاع تحويل الأموال، ككل، أثبت على مدار السنوات الماضية التزامه بالقوانين والمعايير الدولية، وكان له دور أساسي في صمود الاقتصاد اللبناني في وجه الانهيار. لذلك، فإن أي حملة تستهدف القطاع ككل يجب أن تُواجه بالحقائق والشفافية، مع التأكيد على أهمية دعم الشركات الملتزمة وتوفير بيئة تنظيمية تحمي الاقتصاد اللبناني من أي استغلال غير مشروع.

شريان الاقتصاد
إن قطاع تحويل الأموال في لبنان يُعد شريانًا حيويًا للاقتصاد الوطني، ولا يمكن تجاهل دوره المحوري في تسيير الحياة اليومية للمواطنين وتخفيف الأزمات الاقتصادية. في المقابل، فإن مواجهة أي انتهاكات فردية هي مسؤولية السلطات المختصة لضمان العدالة والحفاظ على سمعة القطاع وفعاليته في خدمة المجتمع.
المطلوب اليوم هو تعزيز الثقة بهذا القطاع الحيوي عبر دعم الشركات الملتزمة دوليًا، مع عدم التساهل مع أي تجاوزات قد تسيء إليه وتضر بمصالح المواطنين اللبنانيين.


المصدر : Transparency News