ملاحظات غير بريئة في إعلام الممانعة
14-11-2024 11:17 AM GMT+02:00
بداية، وفي ظل ما يتعرض له الإعلام الحر والصحافيون المستقلون الذين لا يدورون في فلك حزب الله وحلفائه، لم يعد الإعلام قادرًا على إسكات الحقيقة وأصوات الأحرار.
هنا لابد من توجيه بعض الأسئلة لإعلام حزب الله وقياداته ونوابه وإعلامييه، المدنيين والحربيين، وكل الذين يتعاطون في الإعلام والصحافة ويدورون في فلكه.
أولاً: كيف لم يدخل الجيش الصهيوني متراً واحداً في الأراضي اللبنانية؟
واليوم، الخميس في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني "نوفمبر" 2024 صباحًا، أذاع الإعلام الحربي التابع لحزب الله أن مجموعات من "المقاومة" اشتبكت مع قوات العدو على مشارف مدينة بنت جبيل التي اتخذت مواقع لها في بعض الأبنية وتمركزت فيها.
وهنا لابد من التوضيح للذين لا يعلمون تفاصيل جغرافيا مناطق الجنوب والمنطقة المحاذية لفلسطين المحتلة تحديدًا، لكي تصبح طلائع الجيش الصهيوني على مشارف بنت جبيل وتشتبك معها مجموعات حزب الله "المقاومة"، يعني ذلك أن قوات العدو الصهيوني قد عبرت قريتي مارون الراس ويارون المحاذيتين لفلسطين المحتلة، وقطعت مسافة تزيد عن ثلاثة كيلومترات لتصل إلى مشارف المدينة.
كذلك أعلن ذات الإعلام "الحربي" نفسه أن مجموعات الحزب استهدفت دبابة صهيونية على طريق وادي البطيشية باتجاه قرية طيرحرفا، التي تقع في شريط القرى والبلدات الخلفية لمنطقة الشريط الحدودي. أي هنا تكون الدبابات الصهيونية قد دخلت المنطقة الواقعة ما بين بلديتي "علما الشعب" و"الظهيرة"، وتوغلت في سهل البطيشية وصولاً إلى الوادي القريب من منطقة وادي "عين الزرقا" التابعة عقارياً لقرية طيرحرفا. وبذلك يكون التوغل الصهيوني قد قطع مسافة تزيد عن أربعة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية وأصبح خلف خطوط قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، حيث يوجد موقع لقوات اليونيفل في منطقة البطيشية.
من هنا، لابد من توجيه هذه الملاحظات للإعلام الممانع الذي يدور في فلك حزب الله، وكذلك للإعلاميين والمحللين الكُثر الذين يُتحفون المواطنين من على شاشات المحطات الإعلامية. يجب عليهم أن يتوخوا الدقة والصدق رأفةً ببيئتهم الحاضنة، كي يكونوا صادقين مع أنفسهم ومع جمهورهم. لأن الزمن الذي كان فيه تلفزيون واحد ومحطة واحدة وأستاذ واحد في القرية قد ولى. واليوم، في كل منزل يوجد أكثر من هاتف خلوي ذكي مرتبط بغروبات تنشر الأخبار ومحطات تلفزيونية لبنانية وعربية وأجنبية. والمواطنون على اتصال دائم مع العالم المحلي والخارجي، فبذلك لم يعد باستطاعة أحد أن يضع رقابة على الإعلام. وكل الاعتداءات والمضايقات التي يستعملها رعاعكم وقياداتكم على الصحافيين والإعلاميين الأحرار الذين لا يدورون في فلككم أصبحت غير قابلة للكتم وإسكات أصواتهم وأصوات الإعلام. والحقيقة ستصل إلى عموم المواطنين ولو بعد حين. وأساليبكم هذه أصبحت من الماضي التليد ولم تعد قادرة على إسكات صوت الحقيقة.
في هاتين الملاحظتين فقط نسجل سقطات للإعلام الممانع، وأن نواب وقيادات حزب الله قد سقطوا فيها سهوًا أو خطأً. وهذا الأمر يكشف لماذا يقوم حزب الله وما تبقى من أجهزته بالاعتداء على الصحافيين المستقلين وعلى الإعلام الحر بشكل عام.
هذا الأمر يعطي دلالة على ممارسات قمعية ضد كل من لا يسير بركب حزب الله والممانعة، كي تبقى الأمور تحت السيطرة، مع الرهان على أن بيئة حزب الله لا تقرأ ولا تسمع سوى إعلامهم وما يصدر عنهم، وبالتالي الاستمرار في سياسة التجهيل والتعمية على الحقيقة لكي يبقى إعلامهم يسجل بطولات وهمية فقط لا غير. وهذا ما قد ينطلي على بعض الذين على بصيرتهم وبصرهم غشاوة وجهل، وهم لا يفقهون.
المصدر : Transparency News