في خضم العواصف التي تهزّ الشرق الأوسط، وتحت وطأة التحديات التي تكاد تلتهم ما تبقى من أمل في بناء دولة لبنانية سيّدة، ينبثق صوت "القوات اللبنانية" كدعوة إلى العقلانية السياسية ومشروع لإحياء مفهوم الدولة المجرّدة من الميليشيات والبُنى الخارجة عن القانون. لا يمكن فهم هذه الرؤية بمعزل عن الإطار الفلسفي الذي يرتكز على سيادة الإرادة الشعبية وتحقيق التوازن بين الحرية الفردية والمسؤولية 


تسعى "القوّات اللبنانية" إلى تحرير لبنان من حالة الأسر السياسي التي فرضتها عقود من سياسات التبعية والارتباط بالقوى الإقليمية والدولية. في عمق هذه الرؤية يكمن إيمان راسخ بأن الدولة ليست مجرد كيان جغرافي أو مؤسسة سلطوية، بل هي عقد اجتماعي أخلاقي يُعبّر عن الإرادة الجماعية لمواطنيها.  

في لقاءاتها مع الإدارة الأميركية الجديدة، حملت "القوّات" رؤيتها لدولة لبنانية تُعيد ترتيب علاقتها مع العالم على أسس الشراكة لا التبعية. هذه الفلسفة، التي تستند إلى المبادئ العالمية لحقوق الإنسان والقانون الدولي، تؤكد أن السيادة ليست امتيازًا يُمنح بل حق يُستعاد عبر الإرادة السياسية والالتزام الوطني.  

قد يرى البعض أن المشروع الذي تتبنّاه "القوات اللبنانية" هو طموح مثالي في بيئة سياسية غارقة في الانقسامات، إلا أن الفلسفة السياسية لطالما علّمتنا أن الأفكار العظيمة تبدأ من الأزمات الكبرى. هنا تتجلى القوّات كقوة دافعة لتأسيس دولة حديثة لا تنحصر مهمتها في احتكار السلاح فحسب، بل تتجاوز ذلك لتُعيد بناء مفاهيم المواطنة، المسؤولية، والعدالة.  

تُظهر تحركات "القوّات" في الخارج ولقاءاتها مع صانعي القرار في الولايات المتحدة مثالاً حيًا على نهج دبلوماسي عقلاني يهدف إلى تأمين الدعم الدولي لمشروع لبناني خالص. مشروع يعترف بأن التغيير يبدأ من الداخل، ولكنه يحتاج إلى بيئة دولية داعمة تُتيح له النمو والتطور 
إن الرؤية التي تحملها "القوّات اللبنانية" ليست مجرد برنامج سياسي، بل هي تجسيد لفلسفة تقوم على فكرة أن الدولة القوية هي التي تُعبر عن إرادة الشعب وتمتلك أدوات الحكم. وهنا، تصبح قرارات مثل تنفيذ القرارات الدولية 1559 و1680 و1701 ليست فقط مسألة تنفيذية، بل هي بيان رمزي عن قدرة لبنان على التحرر من قيود الماضي والدخول في عصر جديد من السيادة الفعلية.  
يرى الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط أن الحرية الحقيقية هي التحرر من الوصاية الخارجية. من هذا المنطلق، تُعتبر "القوّات اللبنانية" في صراعها مع "حزب الله" أنها تسعى لتحقيق شرط الحرية للدولة اللبنانية. فالدولة لا يمكن أن تكون حرة إذا كانت أجزاء من كيانها تُدار وفق أجندات خارجية تتناقض مع المصلحة الوطنية.  

"القوات" لا تخوض هذا الصراع كمعركة وجود فحسب، بل كمشروع تحرري يعيد للبنان مكانته كدولة تمتلك قرارها بيدها، تُحكم وفق القانون، وتُدار بعيدًا عن منطق السلاح والعنف.  
في نهاية المطاف، تحمل "القوّات اللبنانية" رؤية تتجاوز الانقسامات الطائفية لتؤكد أن الدولة الحقيقية هي تلك التي تُلغي الفوارق بين أبنائها وتُقيم نظامًا يرتكز على المواطنة الكاملة. هذا المشروع، وإن بدا صعب التحقيق في ظل التحديات الراهنة، يظل الأمل الوحيد لبناء لبنان الذي طالما حلم به اللبنانيون؛ لبنان السيادة، الحرية، والدولة.  

بهذه الرؤية، تقود "القوات اللبنانية" مشروعًا لا يهدف فقط إلى مواجهة الأزمات الحالية، بل إلى إعادة تشكيل لبنان كدولة نموذجية في منطقة لطالما افتقدت لمفهوم الدولة الحديثة. فالقضية ليست مجرد صراع على السلطة، بل نضال فلسفي وسياسي لتحقيق ما هو أسمى: سيادة الإنسان اللبناني على مصيره وأرضه.