إنّ التيار الوطني الحرّ هم "الغائبون"
منذ 2 ساعة
عند الأزمات، تظهر معادن رجال السياسة. فأن تكون من اللاعبين الأساسيين في الوسط السياسي اللبناني، يتطلّب متابعة حثيثة وحضور دائم في لعبة سياسية بهذا المستوى العالي. والاستمرارية في ممارسة الحياة السياسية هي من أصعب التّحدّيات التي يواجهها رجال السياسة في لبنان، فإمّا يحجزون لأنفسهم مستقبلاً سياسيًّا يُبنى عليه، إمّا يصبحون على مقاعد الاحتياط أو حتّى يُطردون من اللعبة السياسية مرّة أخيرة.
المرحلة الحالية في لبنان تُصنّف مرحلة مفصليّة تسودها الأزمات السوداء، فيقع على عاتق المعنيين بالشأن السياسي، من أحزاب وتيّارات وحركات سياسية، البحث عن الحلول والقرارات السياسية الملائمة للعبور إلى مرحلة مشرقة على الشعب اللبناني.
إلّا أنّ هذه المرحلة الصعبة أظهرت دخلاء على الوسط السياسي، وهم التيار الوطني الحرّ، هم من ينتظرون على الحافّة يخافون من عبور المراحل، وينتظرون حليف من هنا وغطاء من هناك للإمساك بيدهم للعبور، دونما المحاولة بأنفسهم أو المبادرة باقتراح حلول فعّالة تصبّ في المصلحة الوطنية العليا. ما حصل مع هؤلاء أنهم حصدوا نتيجة أفعالهم السياسية منذ ولادة تيّار الصدّفة، حتّى ما وجدوا أيّاً من شركائهم في الصفقات والإتفاقيات ليخرجهم من حالة الشّلل السياسي التّي طغت عليهم منذ حين.
هؤلاء على الرغم من جمعهم لكتلة نيابية تتقلّص تدريجيّاً مع تزايد نقاط الخلاف الداخلية على السلطة، وعلى الرغم من وجودهم المتعاقب في الحكومات حيث يملكون الفرص للعمل وإثبات وجودهم ولم يستغلّوها، انقلب عليهم وجودهم في السلطات ليضحوا معزولين وفاقدين لأي وزنة سياسية. وتصحّ المقارنة أن وجودهم في السلطة كما لو أنهم خارجها، إلى درجة أن اللبنانيين نسوا أنهم موجودون في السلطة أساساً. ومن الجدوى تذكيرهم، من في السلطة عليه تحمّل المسؤولية وأن يخلق المبادرة الاستباقية في صياغة الحلول الضرورية، ليس أن يلتزم الصمت القاتل ويلقي اللوم على الأخرين.
على التيار الوطني الحر، بشخص رئيسه النائب جبران باسيل، وبحضور الرئيس السابق ميشال عون، الاعتراف أمام "شعب لبنان العظيم" بأنّهم لم يملكوا في الأساس لا قضية لبنانية ولا مشروعية سياسية للانخراط بالأصل في الحياة السياسية، بل تملّكوا قوّة الخداع في السياسة ليتمكنوا من تحقيق مكاسب خاصّة، إنّما لم يتنبّهوا إلى أن مصالحهم قابلة للزوال أمام المصلحة العامّة. وها هم اليوم غائبون عن الواقع السياسي اللبناني في ظلّ الأزمات الجارية، فلا يتعجّبوا إن أصبحوا قريباً خارج الإطار السياسي بأكمله.
(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News")
المصدر : Transparency News