في عالم كرة القدم، تُعد الأكاديميات حجر الأساس لبناء مستقبل الأندية الكبرى. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد التوازن بين تطوير المواهب الشابة ومنحهم الفرصة المناسبة للتألق في الفريق الأول. نادي آرسنال، أحد أعرق الأندية الإنجليزية، يواجه اليوم هذا التحدي بينما يسعى لمواصلة التقدم تحت قيادة مدربه ميكيل أرتيتا، في ظل تحول نهج الأكاديميات إلى أداة استراتيجية تسعى لتحقيق التميز الرياضي والمالي. فكيف يمكن للنادي الجمع بين إرثه في إنتاج المواهب وطموحه في تحقيق البطولات؟


لطالما كان العمر في عالم كرة القدم مجرد رقم، خاصةً عندما يتعلق الأمر بترقية المواهب الشابة من الأكاديميات إلى الفرق الأولى. هذه الفكرة، التي تجسدت في شعار "إذا كنت جيداً بما يكفي، فأنت كبير السن بما يكفي"، تبرز تحديات وفرص تطوير اللاعبين الشباب، كما هو الحال في أكاديمية نادي آرسنال.

شهد آرسنال، بقيادة المدرب ميكيل أرتيتا، تحسناً ملحوظاً في نتائجه خلال المواسم الأربعة الأخيرة، حيث أصبح منافساً جدياً على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. ومع ذلك، فإن صعود لاعبي الأكاديمية إلى الفريق الأول كان محدوداً نسبياً. ففي الموسم الماضي، منح آرسنال دقائق محدودة جداً للاعبين تحت 21 عاماً، وهو ما يتناقض مع النهج الذي اعتمده النادي في السنوات الأولى لأرتيتا.

على الرغم من ذلك، تألق بعض اللاعبين الشباب في مباريات الكأس، مثل إيثان نوانيري (17 عاماً) الذي أبدع بأداء مميز في كأس كاراباو، مؤكداً قدرته على التأثير في الفريق الأول. إلا أن الاعتماد المفرط على هذه المواهب دون توازن بين تطويرهم ومنحهم الفرص قد يضعف فرص نجاحهم على المدى الطويل.

تاريخياً، قدّم آرسنال أجيالاً مميزة من الأكاديمية، مثل بوكايو ساكا وإميل سميث رو، اللذين لعبا دوراً بارزاً في صعود الفريق. ومع ذلك، يبدو أن النادي يواجه تحدياً في الاستمرار بإنتاج مواهب جديدة بنفس المستوى، خاصة مع التغيرات الكبيرة في سوق الانتقالات وضغوط المنافسة.

أكاديمية آرسنال الآن في مفترق طرق. من جهة، تسعى لتطوير مواهب شابة تساهم في نجاح الفريق الأول، ومن جهة أخرى، تجد نفسها مضطرة لمواجهة الضغوط المالية والتنافسية التي تدفع بعض الأندية لتحويل الأكاديميات إلى أدوات لزيادة الإيرادات.

أوضح أرتيتا أن نجاح الأكاديمية لا يقاس فقط بعدد اللاعبين الذين يتم تصعيدهم إلى الفريق الأول، بل بكيفية تهيئتهم لتحقيق استدامة في الأداء والنمو. ورغم تألق بعض اللاعبين في فترات متقطعة، تبقى الحاجة إلى رؤية شاملة تجمع بين النتائج الرياضية والتطوير المستدام للاعبين.

في النهاية، يواجه آرسنال التحدي المتمثل في إيجاد التوازن المثالي بين منح اللاعبين الشباب الفرصة والنضج في الوقت المناسب. وإذا تمكن النادي من تحقيق هذا التوازن، فقد يصبح نموذجاً يحتذى به في تطوير المواهب الشبابية في كرة القدم العالمية.


المصدر : الشرق الأوسط