فريدريك الخراط


كأن لكل حرّ يومه في هذا البلد، ليكون صيدًا لمحور الممانعة وأبواقه في يوم من الأيام. فتقع عليه القرعة ليتحمل "سماجة" أغنام المحور وتخوينهم.
تبدأ فرقة "الردح والكورال" في محور الشتامين لترمي على الشخص المختار موبقاتها، وكأن ما ابتُلي به هذا الشعب من مصائب المحور و"جريدة الأخبار" لم يكن كافيًا، ولا يكفي بيئة المحور ما تعانيه من تشرد، وقصف، ومصائب لا تعد ولا تحصى على الصعيد الاجتماعي.
وكان آخر اختيارات جريدة الفتنة هذه المرة الفنانة ماجدة الرومي، حيث شككت في وطنيتها، متهمة إياها بأنها "مغنية البلاط" لمن طبّعوا مع جزار فلسطين ولبنان، في إشارة إلى الإمارات والدول العربية والخليجية.
لا يمكن الشك في وطنية ـماجدة الرومي، وهي التي غنّت للبنان في أحلك ظروفه، ولم تتركه يومًا. إنها الفنانة التي غنّت لبيروت قبل أن يتم اقتطاع جزء من أغنيتها في أحد المهرجانات الدولية، عندما ارتعب المحور من جملة: "إن الثورة تولد من رحم الأحزان".
نعم، هذا المحور يخاف من الكلمة ومن الحقيقة! فهل يمكن لأحد أن يتخيل مدى هشاشة "مقاومة" تخاف من كلمات أغنية وطنية؟
ماجدة الرومي ليست ممن يخشون تسمية العدو الإسرائيلي، وليست دول الخليج العربي من أساءت للبنان بسياساتها التي لطالما كانت داعمة له ولشعبه، في ظل أيام جهنم المحور وهيمنته على لبنان.
لا يستحي محور الموت من خطاياه بحق هذا البلد، وآخرها حرب إسناد لم تجد من يسندها. وهو لا يزال منشغلًا، في ظل الحرب التي استجلبها لنفسه وللبنان، بحملات التحريض ضد اللبنانيين الذين استقبلوا بيئته في منازلهم، ليرمي عليهم تهم العمالة يمينًا ويسارًا.
محور يتخذ من طهران مرجعية له ولشعبه، ويستقوي على اللبنانيين بصواريخ الحرس الثوري الإيراني. لم يتذكر بيروت إلا عندما خزّن فيها نيتراته، أو عندما احتلها بقمصانه السوداء. محور يوزع شهادات "الوطنية الفارسية" على اللبنانيين الذين لم يختاروا يومًا إلا أن يكونوا لبنانيين، غير ملتحقين بمحور مرشده الأعلى الذي يضحي بهم وبشبابهم، ويستخدمهم وقودًا لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
فهل كتب للشعب اللبناني أن يكون مخيّرًا بين نعيم محور الممانعة أو أن ينجو بنفسه فيتكتم عن رأيه على قاعدة الذمية، أو يعيش تحت رحمة التخوين وتهم العمالة والتحريض؟
مساكين هم، في محور الأدلجة، لا يطالعون ولا يتابعون، عالقون بين ماض أنعم عليهم بميزة غسل الأدمغة والاستقواء، وحاضر بخل عليهم بنعمة القراءة! لا يعلمون أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وأن ابتزاز اللبنانيين بالاختيار بينهم وبين إسرائيل لن يجدي نفعًا.
اللبنانيون لن يختاروا بين السيء والأسوأ، وبعد كل ما حدث، سيختارون لبنان الحضارة المنفتح على العرب والغرب، علّهم يعودون إلى زمن الماجدة وأمثالها، قبل أن يفرض نظام الملالي نفسه ضيفًا غير مرحب به في سويسرا الشرق!