بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، برزت إلى الواجهة جردة أولية لنتائج الصراع الذي استمر 14 شهرًا، حاملاً معه تداعيات ثقيلة على المستويين الميداني والإنساني. في ظل غياب قيادات الحزب البارزة ودمار واسع للبنية التحتية، تثار التساؤلات حول ما إذا كان ما يُوصف بـ"الانتصار" يحمل في طياته خسائر تفوق المكاسب.


بعد 14 شهرًا من حرب "الإسناد والمشاغلة" التي أطلقها حزب الله دعمًا لحماس في غزة، وشهرين من حملة "أولي البأس"، برزت تداعيات ثقيلة على الحزب عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار مع إسرائيل. بينما وصف بعض قيادات الحزب الاتفاق بـ"الانتصار"، تكشف الوقائع خسائر كبيرة تكاد تطغى على أي مكاسب مزعومة.  

غياب القيادات.. و"انتصار" بطعم الهزيمة 
يأتي الإعلان عن وقف إطلاق النار في ظل غياب لافت لقيادات الصف الأول في حزب الله، بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله، ورئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، إضافة إلى قيادات ميدانية بارزة مثل نبيل قاووق وفؤاد شكر. مع غياب هؤلاء، يبدو "الاحتفال بالنصر" مؤجلًا أو باهتًا.  

تداعيات ميدانية وإنسانية 
خلال الصراع، خسر حزب الله خطوطه الدفاعية الأولى والثانية على طول الحدود الجنوبية، إضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية التي أقامها، بما في ذلك الأنفاق التي شُيدت تحت القرى الجنوبية والتي تسبب تدميرها في هدم المنازل فوق رؤوس أصحابها.  

إلى جانب ذلك، تسبب النزاع في نزوح جماعي من مناطق الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع، وسط فشل الحزب في توفير مراكز إيواء رغم الوعود المسبقة. كما تعرّضت بنيته الاقتصادية والعسكرية لضربات قاسية، وفق ما أشار إليه مراقبون.  

الجدل حول "المعادلة الذهبية" 
في ظل هذا الوضع، أعاد حزب الله طرح ما يُعرف بـ"معادلة الشعب والجيش والمقاومة"، واصفًا إياها بالضمانة لاستقرار لبنان. لكن هذه المعادلة باتت محل تساؤل، إذ يرى منتقدون أن الخسائر البشرية والمادية، إلى جانب نزوح أكثر من مليون لبناني، تُظهر أن هذه الاستراتيجية لم تعد مجدية، وربما لم تكن صالحة من الأساس.  

موقف إسرائيلي وتصعيد محتمل 
من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار بأنه إنجاز عسكري كبير، مؤكدًا أن إسرائيل "أعادت حزب الله عقودًا إلى الوراء"، وقضت على كبار قادته، ودمّرت بنيته التحتية وقواعده العسكرية. وأشار نتنياهو إلى أن إسرائيل تحتفظ بحق استئناف العمليات العسكرية إذا خرق حزب الله الاتفاق.  

بنود الاتفاق: السيطرة على التسلح 
تسربت معلومات حول بنود الاتفاق، والتي تتضمن:  
- وضع جميع عمليات بيع وإنتاج الأسلحة في لبنان تحت إشراف الحكومة اللبنانية.  
- تفكيك المنشآت غير القانونية لإنتاج الأسلحة.  
- مصادرة جميع الأسلحة غير القانونية والبنية العسكرية المخالفة.  

تصعيد في اللهجة الأميركية 
حمّل الرئيس الأميركي جو بايدن حزب الله مسؤولية اندلاع الحرب، مشيرًا إلى أن إسرائيل دمرت بنيته التحتية في الجنوب. كما حذر نتنياهو الرئيس السوري بشار الأسد من التدخل، قائلاً: "أنت تلعب بالنار".  

مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تبقى التساؤلات قائمة حول قدرة حزب الله على التعافي من هذه الضربات، وما إذا كانت هذه الهدنة بداية مرحلة جديدة أم مجرد استراحة مؤقتة في نزاع مستمر.  


المصدر : نداء الوطن