خاص- العالم يراقب برنامج إيران النووي: هل ستتجاوز الخط الأحمر؟
27-11-2024 06:39 PM GMT+02:00
أدان مجلس الحكام التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية النظام الإيراني للمرة الثانية هذا العام لعدم تعاونه الكامل، مطالبًا بتفسير وجود آثار يورانيوم في مواقع غير معلنة. كما تواجه إيران ضغوطًا للسماح للمفتشين بالوصول لضمان سلمية برنامجها النووي، وسط تقارير تشير إلى تخصيبها اليورانيوم لمستويات قريبة من الاستخدام العسكري. القرار، الذي جاء بدعم من قوى غربية، يطالب إيران بتقديم تقرير محدث بحلول ربيع 2025، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوتر وفرض عقوبات جديدة. هذه التطورات تأتي في سياق حساس سياسيًا، مع احتمال عودة دونالد ترامب للرئاسة، ما يجعل الملف النووي الإيراني محوريًا في العلاقات الدولية.
ردود فعل النظام الإيراني
هدد نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، بانسحاب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) إذا تم تفعيل آلية "سناب باك" وإعادة فرض العقوبات. تعكس هذه التهديدات موقف إيران الحازم في مواجهة الضغوط الدولية، مع التلويح بتسريع تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من الاستخدام العسكري.
تأتي هذه التصريحات في ظل تقارير مجلس الحكام التي تطالب إيران بتقديم توضيحات بشأن آثار اليورانيوم المكتشفة في مواقع غير معلنة والسماح للمفتشين بالدخول. ومع اقتراب عام 2025، حيث ينتهي العمل ببعض بنود الاتفاق النووي (JCPOA)، تزداد احتمالات تصعيد الأزمة النووية وتفاقم التوترات الدولية.
تفاصيل قرار مجلس الحكام
تضمن قرار مجلس الحكام الأخير عدة محاور رئيسية تشمل ما يلي:
1. وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 60٪
على إيران التوقف فورًا عن التخصيب بنسب تتجاوز 60٪، حيث تعتبر هذه النسبة أعلى بكثير من الاحتياجات السلمية للطاقة النووية، ما يثير مخاوف من أهداف عسكرية محتملة.
2. الشفافية بشأن المواقع غير المعلنة
يتعين على إيران تقديم تفسيرات واضحة بشأن اكتشاف آثار يورانيوم في مواقع غير معلنة، بالإضافة إلى السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى هذه المواقع للتحقق.
3. العودة إلى الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي (برجام)
طالب القرار إيران بإعادة الامتثال للقيود المحددة في الاتفاق النووي، بما في ذلك إدارة مخزونها من اليورانيوم المخصب وتقليل الأنشطة المتقدمة التي تتجاوز البنود المتفق عليها.
4. ضمان التعاون الكامل مع الوكالة
يجب على إيران أن تضمن تعاونًا كاملاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال توفير إمكانية الوصول إلى المواقع والمعلومات ذات الصلة التي تسهم في تقييم طبيعة برنامجها النووي.
استنادًا إلى التجارب السابقة وسلوك النظام الإيراني في التعامل مع الضغوط الدولية وقرارات مجلس الحكام، يمكن توقع السيناريوهات والاستراتيجيات التالية التي قد يعتمدها النظام في المرحلة المقبلة:
1. تصعيد التكتيكات النووية لتعزيز الموقف التفاوضي
قد يسعى النظام الإيراني إلى رفع مستوى تخصيب اليورانيوم أو تركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة لتغيير أجواء المفاوضات. تهدف هذه التحركات إلى تعزيز أدوات الضغط في أي مفاوضات مستقبلية، وغالبًا ما تكون مصحوبة بتهديدات مثل الانسحاب من البروتوكول الإضافي أو تقليص وصول المفتشين الدوليين.
2. مواصلة اللعب المزدوج بين المفاوضات والمواجهة
من المحتمل أن تستمر طهران في اتباع تكتيكها المعتاد الذي يجمع بين المفاوضات المحدودة والتهديدات العملية. في هذا السيناريو، قد يرسل النظام إشارات إيجابية عن استعداده للتفاوض (مثل التعامل مع الأوروبيين أو الإعلان عن تعاون محدود مع الوكالة)، بينما يواصل تطوير أنشطته النووية.
3. استقطاب دعم القوى الشرقية
يُعتبر التقارب مع الصين وروسيا أحد التكتيكات الثابتة للنظام الإيراني. وقد يسعى النظام للحصول على دعم سياسي واقتصادي أكبر من هاتين الدولتين لتخفيف الضغوط الغربية وإيجاد بدائل للتعامل مع العقوبات.
4. زيادة التهديدات الإقليمية وتأجيج الأزمات
قد تلجأ طهران إلى تصعيد التوترات الإقليمية لتحويل الانتباه عن ملفها النووي، وذلك باستخدام وكلائها الإقليميين في لبنان، العراق، اليمن، أو فلسطين لتنفيذ تحركات تهدد الاستقرار في المنطقة.
5. تغيير تكتيكي في النهج الداخلي والخارجي
على الصعيد الداخلي، قد يعتمد النظام على ترويج مفهوم "المقاومة الاقتصادية" كحل داخلي للتخفيف من تأثير العقوبات، مصورًا ذلك كجزء من الصمود الوطني. أما خارجيًا، فقد يستخدم حملات إعلامية تظهره في موقع الضحية الساعية للسلام، محاولًا كسب تأييد دولي يخفف من حدة الضغوط المفروضة عليه.
يتبع النظام الإيراني استراتيجيات متزامنة لكسب الوقت وإدارة الضغوط الدولية، لكنه يواجه تحديات كبرى، أبرزها الضعف الاقتصادي والعزلة السياسية، مما قد يؤدي إلى تغييرات غير متوقعة في سياساته على المدى الطويل.
التحدي الأبرز للنظام يتمثل في احتمال اندلاع انتفاضة شاملة داخل المجتمع الإيراني، وهو ما يشكل أكبر مخاوفه ويدفعه للتفكير بعناية قبل اتخاذ قرارات حاسمة. حتى الآن، يعتمد النظام على القمع الأمني، تنفيذ الإعدامات، وتعزيز الرقابة، لكنها استراتيجيات قد تأتي بنتائج عكسية إذا تجاوزت حدودها، مما يزيد من احتمالية تصاعد الاحتجاجات الشعبية.
في رسالة أعقبت صدور قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 1 ديسمبر، أشادت الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية بالمواطنين وأنصار المقاومة. أكدت أن القرار يُظهر صحة مواقف المقاومة بشأن أهداف النظام الإيراني وخداعه في مشاريعه النووية، مشيرة إلى فشل محاولات النظام لمنع صدوره ومطالبة بتحمله المسؤولية.
ختامًا، يُعد صدور قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية خطوة مهمة نحو مساءلة النظام الإيراني عن ممارساته النووية المشبوهة. كما يُظهر القرار قوة وإصرار المقاومة الإيرانية في كشف الحقائق وإحباط محاولات النظام للتغطية على أهدافه. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان تنفيذ القرار ودفع النظام نحو الالتزام بالمعايير الدولية.