مارون مارون: لم نعد نعرف إن كان هو ذاته نبيه برّي
28-11-2024 07:29 PM GMT+02:00
يعيش الرئيس برّي، فليحيا الرئيس برّي...
نعم، أنا مارون جرجي مارون، بكامل قواي العقلية، أهتف بأعلى الصوت مُشيداً بالرئيس نبيه برّي، الذي تحوّل بين ليلة وضُحاها من رئيس لحركة أمل ومفاوض عن "حزب الله"، يشغل منصب رئيس مجلس النوّاب، يُعطل الدستور ويستنبط العراقيل وُيقفل المجلس، ويقوم بكل ما يعود بالنفع على فريقه السياسي، وهو صاحب مقولة "مادة إجرا من الشبّاك"، هو ذاته قد تحوّل إلى رجل دولة من الطراز الأول لدرجة أنه اختلط علينا الأمر، فلم نعد نعرف إن كان هو ذاته نبيه برّي ما قبل إعلان إتفاق وقف إطلاق النار، أم شبيهاً له يتلو بيان التوصّل الى اتفاق، بحيث أعلن الإلتزام بالدستور وبمؤسسات الدولة وبتطبيق القوانين، وهو الذي اعتاد على خرقها، حتّى أنه لم يذكر كلمة "إنتصار" أو كلمة "مقاومة"، وبأسرع من البرق حدّد جلسة للتمديد لقائد الجيش بدون جهد يُذكر من أي طرف، خلافاً للمرة السابقة حيث خاضت القوّات اللبنانيّة أشرس حملة على المستوى النيابي لمنع تعطيل مؤسسة الجيش اللبناني، ونجحت بذلك، أما اليوم فقد كان الرئيس بري السبّاق إلى ساحة التمديد، وخلال الجلسة أبدى برّي مرونة غير معهودة خاصة خلال وجود الموفد الفرنسي جان إيڤ لودريان الذي حضر جانباً من جلسة مجلس النوّاب، وافق خلالها برّي على التصويت بالمناداة خلافاً لما كان يمارسه على مدى العقود الثلاثة السابقة.
وأكثر من ذلك فقد بادر الرئيس برّي إلى تحديد جلسة لانتخاب رئيس للجمهوريّة في 9 كانون الثاني 2025، كما أعلن عن نيّته دعوة السفراء المعتمدين إلى جلسة الإنتخاب بإشارة واضحة إلى أن الجلسة ستُنتج رئيساً، فلا تهريب للنصاب ولا هروب من الإنتخاب.
نعم، لقد تخلّى الرئيس برّي عن جلسة الحوار التي أصرّ عليها لسنتين وأقفل مجلس النواب تِبعاً لمطلبه غير الدستوري، فعاد اليوم ليفتحه على مصراعيه...
إلا أن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان اللبنانيين هو: إذا كان الحوار ضرورة لماذا تخلّيتم عنه اليوم؟ وإذا كان فلوكلوراً لماذا تمسّكتم به بالأمس؟
الجواب بسيط، إنها المتغيرات يا سادة، ومن الضروري قراءة التحوّلات والتكيّف معها، وها هو الرئيس برّي يُبرهن أنه قارئ جيّد يتعاطى مع الواقع بحنكة بعيداً من التعنّت ومن اللغة الخشبية التي تخطتها الأحداث، فلا وحدة ساحات ولا محور ولا مقاومة ولا انتصار في قاموس العهد الجديد للرئيس برّي...
باختصار، ها هو التاريخ يشهد للقوّات اللبنانيّة على ثباتها في مواقفها، هي التي وقفت سداً منيعاً في وجه الدعوة إلى حوار غير دستوري، وبقيت على موقفها، وتمسّكت بالدستور حتى الرمق الأخير، إلى أن سقط الحوار المزعوم بالضربة القاضية، وحُدِّدَت جلسة الإنتخاب، وانتصر الدستور، وبقيت القوات اللبنانية صوت الحق والضمير، صوت يصدح بالقانون والدستور حتى إحقاق الحق واستعادة الدولة... والسلام.
المصدر : Transparency News