خاص - بعد لبنان، سوريا تحت النار .. ترامب يمهّد لمفاوضات مع إيران بلا أذرع
01-12-2024 09:07 PM GMT+02:00
كان الميدان السوري هدفاً دائماً لغارات طيران العدو الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، وأصبح أكثر استهدافاً في الأشهر الأخيرة، تضرب تجمعات الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران ومخازن ومستودعات أسلحتها وخطوط إمدادها من العراق إلى سوريا ومن هذه الأخيرة إلى لبنات.
ولكن في ليل ٢٧-٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٤ أقدمت مجموعات كبيرة من الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا بانتهاك الهدنة في منطقة شمال - غرب حلب المنصنّفة "منطقة خفض تصعيد" على هجوم كبير، انهارت أمامه بلا قتال، مواقع القوات الحكومية باتجاه المركز الإداري لمحافظة حلب. وخلال ثلاثة أيام تمكّنت القوات المناهضة للنظام من السيطرة على مدينة حلب ، وتمكّنت من السيطرة على ريفي إدلب وحلب وصولاً إلى ريف حماة الشمالي. وفي ذات الوقت سيطرت القوات الكردية على بلدتي نبّل والزهراء الشيعيتين بعد انسحاب المليشيات الإيرانية منهما.
ما هي أسباب ودواعي هذه التطورات المفاجأة في سوريا
مصادر روسية مطّلعة تقول، أن إيران سحبت عدداً كبيراً من مسلحي حزب الله وبعض الفصائل الآخرى الموالية لها لدعم جبهة جنوب لبنان في مواجهة الهجوم الإسرائيلي خلال الشهرين الماضيين، وأنه بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في جبهة لبنان، أقدمت إيران على نقل ما تبقى من مليشيات حزب الله والمليشيات الأخرى العراقية والأفغانية إلى منطقة القنيطرة جنوبي سوريا تحضيراً لتهديد إسرائيل بفتح جبهة الجولان بعدما خسرت جبهة جنوب لبنان، وتبعث بذلك رسالة إلى الإدارة الأميركية العتيدة أنها ما زالت تحتفظ بورقة قوية تهدد بها أمن إسرائيل وتحسّن شروط تفاوضها مع أميركا.
من جانبها، كانت روسيا قد سحبت قواتها البرية من شمال سوريا وأرسلتها لتعزيز حضورها الميداني في الجنوب السوري لضمان تنفيذ اتفاقها مع إسرائيل بإبعاد الميليشيات الإيرانية لمسافة ثمانين كيلومتراً شمالاً بعيداً من القنيطرة والجولان. كما سحبت روسيا طائراتها الهجومية وطياريها من سوريا لاستخدامهم في الحرب ضد أوكرانيا.
وكذلك كانت روسيا وعلى مدى ستة أشهر تسعى مع بشار الأسد لجمعه بأردوغان لتطبيع العلاقات بينهما ما يساعد على التقدم باتجاه انسحاب القوات التركية من سوريا، والتقدم باتجاه إنضاج التسوية السياسية في سوريا ما يساعد أردوغان على تخفيف أزمة النزوح السوري عن كاهله السياسي الداخلي بعدما أصبح هذا الملف عامل ضغط كبير بيد المعارضة التركية ضده.
إذاً تصلّب الأسد في عدم تسهيل مسار التسوية السياسية في سوريا، أغضب أردوغان وأحرج بوتين. وفي ظل ما تعرّض له حزب الله الذراع الإيراني الأقوى من ضربات موجعة في لبنان وانعكاس ذلك على قدراته في سوريا، اجتمعت كل تلك العوامل لتدفع بقوات المعارضة التركية للقيام بهذه العملية العسكرية التي فاجأت إيران وأذرعها ، كما فاجأت روسيا ، ولكنها تلقت دعماً تركياً استخباراتياً وعسكرياً وترحيباً أميركياً وإسرائيلياً ، وغض طرف روسي ، رغم ما يظهر من أن نفوذها متضرر من النتائج الناجمة عن تلك التطورات، ويعود ذلك لعدم رغبة موسكو بإغضاب تركيا ومواجهتها لأسباب تتعلق بأمنها الداخلي، لما لتركيا من تأثير على المسلمين الروس، وحيث باتت تركيا الشريك الاقتصادي الأساسي لروسيا في ظل الحصار الغربي المطبق عليها.
إلى أين ستنتهي هذه العملية في سوريا؟
١-إيران لم تعد تملك القدرة على القتال على الأرض لاستعادة ما خسرته في شمال سوريا، وقد تكون هناك جهات حكومية إيرانية مستفيدة من نتيجة ماحصل للتخلّص من عبء المليشيات.
٢-روسيا لا تملك قدرات قتالية على الأرض وكل ما تقوم به من قصف جوي خجول لايعيد حلب وأريافها وأرياف إدلب إلى سلطة النظام، وقد يساعد تغيير ميزان القوى على الأرض ضد سلطة بشار الأسد، الروسي لإعادة إحياء مسار آستانة والمساعدة في إنضاج التسوية السياسية في سوريا على أساس القرار الدولي ٢٢٥٤ بما يمهّد لتقاطعات مع خطة إدارة ترامب للتسوية في الشرق الأوسط.
٣-أن تثبّت تركيا سيطرتها على مدينة حلب تحديداً، لتشكّل مادة تفاوض مع النظام وورقة لتبادل الضغوط مع روسيا وأميركا في مواجهة دعم قيام كيان كردي في سوريا.
٤-سعي تركي لإبقاء الأبواب مفتوحة للتعاون مع العرب ، بتوحيد الفصائل المعارضة رغم اختلافاتهم العقائدية تحت سقف الحل السياسي حسب قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وبلجم أي مظهر أو دور للمجموعات الإسلامية وعدم إبراز قيادتها لهذه العملية العسكرية، وهذا يظهر من خلال رفع أعلام الثورة وليس الرايات الإسلامية.
٤- إن المشهد المستجد في سوريا لم يأت من فراغ، هو أعقب نتائج حرب إسرائيل على لبنان واتفاق لوقف النار فيه، ينتهي بتطبيق القرار الأممي ١٧٠١ ويمنع إعادة تسليح حزب الله. وبالتالي هو استكمال للمشهد اللبناني القاضي بتنفيذ قرار دولي بإنهاء أذرع إيران في المنطقة بما في ذلك تصحيح الوضع السياسي في العراق، الناجم عن الغزو الأميركي عام ٢٠٠٣، تمهيداً لجلوس إيران مجردةً من أذرعها على طاولة المفاوضات مع إدارة ترامب خلال الأشهر القليلة المقبلة.
المصدر : Transparency News