خاص - ضرورة تأجيل الإنتخابات الرئاسية الآن!
02-12-2024 09:03 AM GMT+02:00
تسود نظرية غير دقيقة بأنّ الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تحدد السياسة الخارجية بغض النظر عن شخص الرئيس, سواء كان من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي. هذه النظرية صحيحة في بعض القضايا الإستراتيجية الأساسية كمسؤولية أميركا في الدفاع عن دولة إسرائيل. ولكن كل رئيس لديه خصائصه وهامش كبير في إتخاذ القرارات الخارجية. الدليل على ذلك، هو الفارق الشاسع بين سياسات أوباما وترامب، وعلى سبيل المثال لا الحصر إنسحاب ترامب من الإتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصّل إليه في عهد أوباما.
عودة إلى الوضع اللبناني المستجد بعد إتفاقية وقف النار، وتحديد موعد لإنتخاب رئيس للجمهورية، حيث يجب على المعارضة السعي لتأجيل موعد الانتخابات الرئاسية للأسباب الموضوعية التالية:
١) بعد فشل عهد بايدن في السياسة الخارجية والداخلية الذي تجلى بإنتصار واضح وجلي لترامب في الإنتخابات الرئاسية، إذ فاز أيضا" بالتصويت الشعبي، وحصل على الأغلبية في الكونغرس بمجلسي النواب والشيوخ. أصبحت الإدارة الديمقراطية بحاجة إلى بعض الإنجازات، حتى لو كانت ظرفية أو شكلية، قبل مغادرتها البيت الأبيض.
٢) ضغطت الإدارة الأمريكية الديمقراطية بقوة على نتنياهو وحكومته مستخدمة شتى الوسائل، منها تقنين أو عرقلة تصدير الأسلحة إلى دولة إسرائيل، كما أشار إليها نتنياهو عند إعلان الإتفاق. كما هددت بعدم إستخدام الفيتو في مجلس الأمن لصالح دولة إسرائيل، وغيرها من أساليب الضغط. واليوم، تسعى الإدارة الديمقراطية لعقد إتفاقية مماثلة في غزة.
٣) حزب الله يعرف جيّدا" أنّ مسار الأحداث الداخلية والخارجية ستقضي على القليل مما تبقى من ترسانته العسكرية. لذا، ومن وجهة نظره، من الأفضل أن يأتي برئيس جمهورية في ظل موازين القوى الحالية، رغم أنها لا تسمح له بالإتيان برئيس من صفوفه. ولكن أفضل الممكن بالنسبة له، هو دعم "رئيس توافقي" قبل أن تتغير الظروف لصالح المعارضة بشكل كامل، مما يتيح لها إنتخاب رئيس من صفوفها.
٤) توقيت جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية في ٩ كانون الثاني ٢٠٢٥، أي قبل ١١ يوما" من موعد تنصيب ترامب رئيسا" في ٢٠ كانون الثاني ٢٠٢٥، يثير الريبة والشك ويأتي في سياق ما تم ذكره أعلاه.
في الخلاصة، ليس من مصلحة لبنان والمعارضة إنتخاب رئيس للجمهورية في هذا التوقيت والظرف، حيث ديناميكية وتطور الأحداث تصب في مصلحتهما خاصةً بعد إستلام ترامب رئاسة الولايات المتحدة. تأجيل موعد إنتخاب الرئيس يفسح في المجال أمام تغيير جذري في موازين القوى لصالح المعارضة، مما يسمح لها بإنتخاب رئيس من صلب صفوفها يتلاءم مع متطلبات المرحلة القادمة تماهيا" مع الشرق الأوسط الجديد. هذا الشرق الأوسط الجديد المتجسد بإنهاء محور الممانعة وإستكمال "إتفاقيات إبراهيم".
(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News")