"فائض القوة”… حزب الله في مواجهة الانقسام اللبناني
02-12-2024 12:20 PM GMT+02:00
في مشهد يعكس تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية في لبنان، يواصل حزب الله استعراض نفوذه وسط أجواء مشحونة بالتخوين والاعتداءات، ما يفاقم الانقسام الداخلي ويعمّق أزمة الثقة الوطنية. من حملات التخوين المتواصلة عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إلى الاعتداء الموثّق على الصحافي داوود رمال، وصولًا إلى تعليق صور عملاقة على طريق المطار، يبدو أن الحزب يمضي في ترسيخ ثقافة “فائض القوة”، متجاهلًا التداعيات الخطيرة لهذا النهج على وحدة اللبنانيين.
تعكس هذه التحركات نهجًا يتجاوز الحسابات السياسية التقليدية، إذ يسعى حزب الله إلى تكريس صورته كقوة قاهرة تتجاوز أي محاسبة داخلية أو خارجية. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية تأتي في ظل انقسام شعبي حاد، حيث يرى كثيرون أن الحزب لم يعد يمثل حالة مقاومة كما كان في الماضي، بل تحول إلى عبء يثقل كاهل البلاد ويقوّض سيادتها.
رغم محاولات الحزب لإبراز نفسه كطرف منتصر في المشهد الإقليمي، فإن التجربة اللبنانية تشير إلى نتائج مغايرة. فقد تسببت مغامراته العسكرية، وآخرها الانخراط في النزاعات الإقليمية، في جر لبنان إلى حروب أتت بدمار واسع النطاق. الهزيمة المعنوية والسياسية التي تلقتها البلاد بسبب هذه السياسات لا تزال تلقي بظلالها، حيث يجد اللبنانيون أنفسهم عالقين في دوامة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت بفعل السياسات الأحادية للحزب.
تعليق الصور العملاقة على طريق المطار، الذي يُعدّ بوابة لبنان إلى العالم، يحمل دلالات تتجاوز مجرد استعراض للقوة. فهي رسالة سياسية وأمنية موجّهة إلى الداخل والخارج مفادها أن الحزب يسيطر على مفاصل الدولة ويعزز حضوره في كل زاوية من زوايا الحياة العامة. ومع ذلك، فإن هذه الاستعراضات تثير استياء شريحة واسعة من اللبنانيين الذين يرون في هذه الممارسات تحديًا صارخًا لفكرة الدولة الجامعة.
في ظل هذا المشهد، يبقى السؤال مفتوحًا: إلى متى سيستمر هذا المسار التصادمي؟ وإلى أي مدى يمكن للبنان أن يتحمل كلفة “فائض القوة” الذي يمارسه حزب الله؟ الإجابة ليست واضحة، لكن المؤكد أن البلاد تقف على مفترق طرق خطير، يتطلب التوافق والعودة إلى لغة الحوار بدلًا من فرض الهيمنة بالقوة
(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News")