وفقًا لمصدر دبلوماسي غربي مطلع على الوضع في لبنان، يسعى حزب الله، وسط الضغوط السياسية والعسكرية المتزايدة، إلى استعادة زمام المبادرة على مختلف المستويات. وتشير الوقائع الأخيرة إلى تصعيد محسوب يعكس استراتيجية الحزب لتعزيز نفوذه السياسي والعسكري والتنظيمي، مع المحافظة على دعم بيئته الحاضنة.

تصعيد عسكري برسائل سياسية

قام حزب الله بقصف موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا، واصفًا العملية بأنها “رد دفاعي أولي” مع تحذير مباشر في بيانه: “وقد أعذر من أنذر”. بحسب المصدر، يُترجم هذا التصعيد رغبة الحزب وإيران في العودة إلى ما قبل وقف إطلاق النار وآلية تنفيذ القرار 1701، عبر التأكيد على أن القصف استهدف منطقة متنازع عليها، ما يتيح لهم تبرير استمرار السلاح بحجة الاحتلال الإسرائيلي لبعض الأراضي اللبنانية.

هذا التحرك يأتي في سياق تعزيز أوراق القوة للحزب في مواجهة محاولات إضعافه داخليًا وخارجيًا، خاصة أن الحكومة اللبنانية لم تصدر أي موقف يعارض بيان الحزب، ما يعكس احتمال العودة إلى تغطية مواقفه في المستقبل.

حراك سياسي موجه نحو الرئاسة

في المشهد السياسي، يؤكد المصدر أن الحزب يستغل الفراغ الرئاسي لإعادة ترتيب أولوياته، بدءًا بتأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن سليمان فرنجية “عماد المرشحين” لرئاسة الجمهورية. كما يُسرب الحزب معلومات توحي بأن تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون هدفه إبعاده عن الرئاسة، مع خطط لإقالته فور انتخاب رئيس جديد.

ويرى المصدر أن تحديد موعد جلسة انتخاب الرئيس في 9 يناير 2025 يهدف إلى تمرير مرشح الحزب قبل تسلم إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مسؤولياتها، في تكرار لتجربة انتخاب الرئيس السابق ميشال عون قبيل وصول ترامب إلى البيت الأبيض عام 2016. إلا أن التحديات الحالية تختلف عن تلك الفترة، إذ إن ميزان القوى العسكري في المنطقة بات أقل توازنًا لصالح إيران وحزب الله، وفقًا للمصدر.

إعادة البناء والتأكيد على الصمود

على الصعيد التنظيمي والاقتصادي، أعلن الحزب عودة مؤسسة “القرض الحسن” للعمل بشكل طبيعي في جميع فروعها، في رسالة تهدف إلى طمأنة بيئته الحاضنة بشأن سلامة بنيته المالية. كما أطلق خطة شاملة لإعادة الإعمار تشمل تعويضات مباشرة للمتضررين وتجاوز المؤسسات الرسمية، مما يعزز مكانته كبديل عن الدولة.

ويضيف المصدر أن الحزب يهدف من خلال هذه الخطوات إلى إظهار قدرته، مع إيران، على مواصلة تقديم الدعم المالي حتى في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية.

سباق مع الزمن قبل عودة ترامب

يلفت المصدر إلى أن جميع الأطراف الإقليمية، من إسرائيل إلى إيران مرورًا بالنظام السوري، تحاول فرض أمر واقع على الأرض قبل تسلم إدارة ترامب الجديدة. ويشير إلى أن تهديد ترامب الأخير بـ”جحيم غير مسبوق” في حال استمرار أزمات الشرق الأوسط قد يكون مؤشرًا على مرحلة جديدة من التصعيد في المنطقة.

خاتمة

يرى المصدر الدبلوماسي أن حزب الله لا يزال متمسكًا ببنيته العسكرية والمالية غير الشرعية، مع الالتفاف على الحلول الدولية ومحاولة فرض قواعد اشتباك جديدة. وبينما تظهر الحكومة اللبنانية والقوى السياسية الأخرى في حالة من العجز أو التواطؤ، يواصل الحزب اللعب على أوتار الانقسامات الداخلية والدعم الإيراني، في سباق مع الوقت لفرض شروطه قبل التحولات السياسية الدولية المنتظرة.