مع اشتداد البرد واقتراب فصل الشتاء، يعاني سكان المناطق الجبلية في لبنان من تداعيات الأزمة الاقتصادية وارتفاع تكاليف المحروقات، مما دفعهم إلى العودة لاستخدام الحطب كوسيلة أساسية للتدفئة. هذا الخيار أصبح البديل الأكثر شيوعًا، خصوصًا بين ذوي الدخل المحدود، رغم الصعوبات التي ترافق جمع الحطب وإعداده.


في ظل أزمة اقتصادية خانقة وارتفاع غير مسبوق في أسعار المحروقات، لجأ سكان المناطق الجبلية في لبنان إلى الحطب كبديل رئيسي للتدفئة. مشهد جمع الحطب أصبح جزءًا من يوميات الأهالي الذين يحاولون توفير ما أمكن من أغصان الزيتون والصنوبر وغيرها، قبل حلول موسم الأمطار والثلوج.

يؤكد سامي محمود، أحد سكان منطقة العرقوب في الشوف، أن الاعتماد على الحطب للتدفئة لم يكن خيارًا جديدًا بالنسبة إليه، لكنه أصبح ضرورة منذ انهيار العملة المحلية وارتفاع تكلفة التدفئة بالمازوت. وأضاف محمود: "تكلفة التدفئة بالمازوت لم تعد ممكنة، إذ يحتاج المنزل في فصل الشتاء إلى نحو 7 براميل، بتكلفة تصل إلى 1120 دولارًا سنويًا، وهو مبلغ لا يمكن توفيره في ظل دخل لا يتجاوز 400 دولار".

جوزف ربعمد، من سكان إحدى القرى الجبلية، أشار إلى أن الحطب "أوفر بمليون مرة من المازوت"، موضحًا أنه يعتمد على تقليم أشجار الزيتون والصنوبر من حقوله لتوفير الحطب اللازم للتدفئة. وأضاف: "رغم أن سعر الحطب ليس زهيدًا، حيث يصل سعر 3 أطنان من السنديان أو الملول إلى 600 دولار، فإن جمع الحطب من الحقول الخاصة يبقى الخيار الأقل تكلفة".

وبينما يجد البعض في الحطب خيارًا عمليًا وأقل كلفة، يعترف آخرون بأن استخدام مدافئ المازوت الحديثة يظل مفضلًا لبعض العائلات، خصوصًا في المناطق الأقل برودة، مثل داريا في الشوف. إلا أن غالبية السكان في القرى المرتفعة، حيث الشتاء أكثر قسوة، باتوا يعتمدون على المدافئ التقليدية التي تعمل بالحطب.

محمود، وهو أب لثلاثة أطفال، يرى في الحطب ليس فقط وسيلة تدفئة اقتصادية، ولكن أيضًا مصدرًا لدفء عائلي خاص، حيث تستخدم العائلة المدفأة لتسخين الطعام وتحضير وجبات مثل البطاطا والكستناء خلال ليالي الشتاء.

في مواجهة الواقع الصعب، أصبحت التدفئة على الحطب رمزًا للتكيف مع التحديات، لكن في الوقت نفسه، تظل جزءًا من مشهد يعكس حجم الأزمات التي تعصف بالبلاد.


المصدر : الأنباء الكويتية