حسين عطايا


ثمة مشكلة عقائدية لدى حركات واحزاب الاسلام السياسي ، حيث انهم لا يعتبرون للإنسان قيمة وهو مجرد اعداد في قائمة المستشهدين في سبيل مشروع إلهي فحسب، وكل اعمالهم تتوج بالنصر المؤزر من إله يتبعدونه دون سواهم من بني البشر.

وهنا تأتي مقولة حزب الله الحالية على انه انتصر في الحرب الاخيرة والتي توقفت منذ ايام ، وقد  وردت على لسان نواب الحزب  في البرلمان اللبناني وقياداتهم الحزبية وعلى رأسهم الامين العام الحالي "الشيخ نعيم قاسم " في اخر كلمة له حيث قال:
"إن النصر الحالي هو اهم واكبر من نصر العام ٢٠٠٦"، اي حرب تموز والتي احتفل فيها حزب الله بنصر الهي عظيم.

وهنا وفي الوقائع على الارض، والتي تتظهر يوميا لدى القاصي والداني وخصوصا لدى قيادات حزب الله والتي لغاية اليوم لاتعرف اعداد المفقودين الاحياء منهم والاموات، كما ليس لديها إحصاء رسمي في اعداد الاسرى الذين وقعوا بيد جيش العدو الصهيوني.

هذا من ناحية الخسائر البشرية داخل صفوف الحزب، اما عن المدنيين فاق عددهم وفق وزارة الصحة عن اربعة الاف ضحية كما ان اعداد المصابين تعدت الاربعة عشرة الف مواطن مصاب بين جريح ومعوق.

اما في الخسائر المادية فهي زادت اضعاف ما كانت عليه في حرب تموز من العام ٢٠٠٦، عدا عن اعداد القرى والبلدات الجنوبية المحاذية لفلسطين المحتلة والتي زادت عن ثلاثون قرية ومزرعة تم مسحها عن وجه الارض حيث اقدم العدو على تفجير منازلها وجرفها وبالتالي اصبحت خرابا، وهذا ما لم يحدث في العام ٢٠٠٦ .

وإذا اضفنا  قبولكم بورقة وقف إطلاق النار والتي اصبحت اساس لاتفاقية وقف الحرب ، والتي تنص صراحة على انسحابكم الى شمالي نهر الليطاني بكامل عتادكم وسلاحكم وهذا ما كانت قيادتكم التاريخية بزعامة حسن نصرالله ترفضه ، كما ان فصل ساحة لبنان عن ساحة غزة والذي وافقتم عليه صاغرين بعد ان تمنعتم عنه من قبل خلال الزيارات المتكررة للوسيط الامريكي " اموس هوكستين "، وهذا غيض من فيض مما تنص عليه ورقة التفاهم والتي بقيت طي الادراج والكتمان لتاريخه.

عدا عن كل هذا، ايعقل ان يكون حزبا منتصرا وقد تم قتل قياداته من الصف الاول والثاني والثالث وقتل كامل اعضاء المجلس الجهادي والذي يعتبر هو القيادة الاعلى والابرز في حزب الله؟

فإذا كانت كل هذه الخسائر يعتبرها حزب الله نصرا، فحبذا لو يخبرنا كيف تكون  الهزيمة، وكيف يتم قياس نتائجها، لعل في ذلك نظريات جديدة في العلوم السياسية والجغرافية والتاريخ والحروب العسكرية تدرسه الاجيال القادمة لتستفيد منه.