تشهد الساحة السورية تطورات دراماتيكية قد تكون حاسمة في مصير النظام السوري بقيادة بشار الأسد.


وفقًا لتقارير ومصادر متعددة، حققت قوات هيئة تحرير الشام والمعارضة المسلحة تقدمًا كبيرًا في صحراء حماة الشرقية، وصولاً إلى عقيربات بعد الاستيلاء على مدينة حماة. هذا التقدم يضعهم على مسار يمكن أن يؤدي مباشرة إلى العاصمة دمشق، متجاوزًا مدينة حمص، حسب تحليل شارلز ليستر، زميل ومدير قسم مكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط.

تحولات استراتيجية: هيئة تحرير الشام تغير قواعد اللعبة

منذ عام 2020، استثمرت هيئة تحرير الشام بشكل كبير في تطوير قدراتها العسكرية والتنظيمية. من تدريب وحدات القوات الخاصة إلى إنشاء قوة طائرات بدون طيار، نجحت في بناء جيش قادر على مواجهة قوات النظام. كما عملت الهيئة على تعزيز قدراتها الصاروخية واللوجستية، مما جعلها خصمًا عنيدًا للنظام السوري.

لكن الأهم من ذلك هو البنية الاجتماعية والسياسية التي تبنتها الهيئة لتوسيع نفوذها. لقد انخرطت الهيئة في تعاملات طويلة الأمد مع القبائل والأقليات المحلية، مما أكسبها قبولًا واسعًا في مناطق كانت معادية تقليديًا. في شمال حماة، على سبيل المثال، نجحت الهيئة في تحقيق استيلاء سلمي عبر التفاوض مع وجهاء محليين، ما أدى إلى انشقاقات في صفوف النظام.

الدبلوماسية المجتمعية: سلاح جديد في يد الهيئة

استطاعت هيئة تحرير الشام تطوير نهج دبلوماسي للتعامل مع مختلف الأطراف، من القبائل السنية إلى الأقليات الإسماعيلية وحتى القوات الكردية. تقارير تشير إلى وجود تعاون بنّاء مع قوات سوريا الديمقراطية في بعض المناطق، مما يعكس تحولًا نوعيًا في استراتيجيات الهيئة التي كانت تعتمد على القوة العسكرية فقط.

إدارة مدنية: نموذج لحكومة بديلة؟

لم يقتصر التغيير على الجانب العسكري فقط، بل شمل أيضًا الجانب الإداري. من خلال “حكومة الإنقاذ السورية”، قامت الهيئة بإنشاء مؤسسات شبه تكنوقراطية تدير 11 وزارة، إضافة إلى هيئات خدمية متعددة. تعمل هذه الحكومة بالتنسيق مع المنظمات الدولية لتوفير خدمات للمناطق الواقعة تحت سيطرتها، ما يعكس نموذجًا لحكومة بديلة قادرة على تقديم الخدمات في ظل انهيار النظام.

اختبار حماة وما بعدها

يبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى يمكن أن تصمد هيئة تحرير الشام أمام التحديات المقبلة؟ تُعد حماة اختبارًا أوليًا، ومع نجاح الهيئة في السيطرة على هذه المنطقة، تبرز حمص وربما دمشق كأهداف محتملة. التحدي الآن يتمثل في كسب القبول المجتمعي وتعزيز مصداقيتها كبديل للنظام.

في ظل هذه التحولات، يبدو أن مستقبل سوريا يمر بمنعطف حاسم، حيث يمكن أن تكون الخطوات الأخيرة لهيئة تحرير الشام بمثابة بداية لحقبة جديدة، أو معركة شرسة لتغيير موازين القوى في البلاد.


المصدر : Transparency News