رسالة مفتوحة من الحسيني إلى ابي محمد الشرع.. اليوم يوم المرحمة
06-12-2024 08:32 PM GMT+02:00
إلى الشيخ احمد الشرع (ابو محمد) حفيد المجاهد طالب،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وأبدأ قولي بما توّجه به نبي الله يوسف لأخوته في محكم التنزيل "لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"،
تعلمون علم اليقين اننا منذ اليوم الاول لثورة عام ٢٠١١ كنا الوحيدين والسباقين في الطائفة الشيعية للمسارعة بالوقوف الى جانب الشعب السوري في مطالبته لحقوقه المشروعة، وقد دفعنا ثمناً لذلك ظلماً حاق بنا واضطهادا حلّ علينا من قبل حزب الولي الفقيه، فعانينا السجن والملاحقة والتشهير والاعدام المعنوي والاضطهاد العائلي. وبالرغم من أشكال المعاناة ما بدلنا، ولا ساومنا، ولا ارتضينا إلا أن ننصر اخواننا المظلومين في سوريا الأبية.
واليوم، وإذ حان اوان القطاف، بعد سنوات عجاف، وانتصر الحق على الباطل، وإنّ الباطل كان زهوقاً، نتوجه اليكم بشخصكم الكريم والى كل القيادات العسكرية في الثورة السورية بهذه الرسالة المفتوحة للتفكير والتدبير، راجين لكم السداد والسؤدد، وهي رسالة للتاريخ وفحواها:
يأبى الله عز وجل إلا ان ينصر المظلوم وقد كتب على نفسه العدل. وإنّ المستضعفين في الارض الله ناصرهم ولو بعد حين، ولكن هذا التأييد الإلهي يترتّب عليه مسؤوليات جسام تقع على عاتق من أيدهم الله بنصره، وفتح عليهم بفضله. أولى هذه المسؤوليات تتمثل بحفظ الناس وكراماتهم، وصون طوائفهم وعقائدهم، ودرء المهانة عنهم وعن عوائلهم، وان لا يظلِم كي لا يكون كمن ظلَم وسقط، فلا بد بهذا المنتصر من ان ينشر العدل ويعزز قيم التسامح، فيكون يوم الانتصار هو يوم المرحمة وليس يوم الملحمة، وتكون لحظة للتأسيس والأساس، وليست لحظة للعقاب والقصاص.
اتمنى عليكم يا اخانا العزيز يا شيخ أبا محمد، أن تحفظوا الأبرياء والمدنيين والمحايدين من الطوائف الشيعية والعلوية والإسماعيلية في سوريا، والذين لا يتحملون وزر ما ارتكبه حزب الله او نظام الاسد أو مليشيات الولي الفقيه على اختلاف مشاربها وفق ما نصت عليه الآية الكريمة "ولا تزر وازرة وزر أخرى". فالطائفة الشيعة ليست حزب الله بل هي أكبر وأعم وانقى وارفع، وكذلك الطائفتين الإسماعيلية والعلوية هما متأصلتين في الوجود السوري أكثر بكثير من نظام بائد وطاغية متهالك. واذكركم، وانتم تعلمون حق العلم والمعرفة، أن هذه الطوائف المذكورة قد تقاسمت الظلم مع بقية الشعب السوري، وتشاركت معه وقمع المخابرات وكانت جزأً لا يتجزأً مما صبّه نظام القهر على أبناء الشعب السوري المظلوم.
وإذ يحدونا الأمل ان تعملوا بوحي تعاليم ديننا الحنيف من قرآن كريم وسيرة شريفة، فإننا على ثقة أنكم قد سارعتم كي تأمنوا لأبناء هاتين الطائفتين حماية خاصة، إننا على بينة بحسن نواياكم تجاه شعبكم، وأنكم لن تتوانوا عن منح الرعاية لأبناء هذه الطوائف المذكورة، وتحييدهم عن الصراع والانتقام والثأر، وهو المؤمل منكم، فمن يسعى للحق مثلكم، ينبغي ان يتبع اهل الحق، وألا يقع فيما وقع به اهل الباطل من ظلم وفساد في الارض.
ومن هنا نقول لكم اخانا الكريم الشيخ أبا محمد، أننا بصفتنا الشرعية أولاً، ومنصبنا السياسي كأمين عام المجلس الإسلامي العربي ثانياً، وكذلك من خلال مسؤوليتنا في المجلس عن ملف شيعة العرب عامة وعن كل شيعي وعن كل علوي واسماعيلي في لبنان وسوريا والعراق واليمن والمشرق العربي، نحن نعمل على درء الظلم عن الجميع، ونتمنى ان يسود بين كافة اللبنانيين والسوريين والعراقيين والعرب أجمعين الاحترام المتبادل، والأمن المديد والسلام الدائم. من هنا، بإمكاننا نحن أولي الامر بما نمثّل، ومن خلال جهود مشتركة مع المعنيين، أن نعمل على رفع مستوى التواصل ونسج افضل العلاقات بين المكونات المختلفة لمجتمعاتنا، وأن نجتهد معاً من اجل مصلحة الشعبين اللبناني والسوري وسائر شعوب المنطقة دون استثناء أحد. ونشدد ان مسؤوليتنا تتمثل بالتعاون على البر والتقوى، وإذكاء قيم الاسلام السامية بالتسامح والاعتدال والانفتاح والوسطية، فهي السبيل لإنهاء الصراعات، وردم الفوارق وتعبيد دروب الازدهار.
واختم قولي في هذه الرسالة بقوله تعالى في محكم تنزيله "ولكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" حيث قال عليهم أفضل الصلاة والسلام يوم فتح مكة " اذهبوا فأنتم الطلقاء".
اخوكم
محمد بن علي الحسيني
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي