شربل صيّاح


في سن الـ ٢١ ، حيث يكتفي الكثيرون بالحلم، قررتُ أن أختار النضال .

طالب حقوق في فرنسا، غادرت لبنان بحثًا عن مستقبل أفضل يليق بتعب أهلي وبقدراتي. لكنني في الخارج، أرى لبنان يغرق تحت وطأة الفساد وسوء الإدارة، هناك من يكتفي بالمراقبة والتذمر، اما انا فقررتُ النضال.

نضالي قد يبدو بسيطًا في مظهره، لكنه عميق في جوهره.

أريد لبنانًا جديدًا، لبنان لا تُختزل سياساته بنفس الوجوه المتكررة، ولا بأساليبها التقليدية. لبنان لا يمكن أن يظل محاصرًا في نفس "الخزعبلات" السياسية القديمة.
أنا لا أنتمي هيكليا لأي حزب سياسي لأنني أطمح لنموذج حزبي جديد ومتطور.

أحلم  بممارسة سياسية تتجاوز التحالفات الظرفية والحسابات الضيقة، نموذج يتأسس على رؤية وطنية حقيقية.
هذا ليس حلمي وحدي طبعا، بل هو حلم جيل كامل من الشباب اللبناني،في الداخل اللبناني أو في الخارج.

في قلب هذا الالتزام، تبرز قناعة راسخة، أشبه بحقيقة غير قابلة للنقاش: الرجل المناسب لهذه المرحلة هو سمير جعجع.
هذا الاسم يتردد في ذهني كأنه بديهي. ربما يكون شكليًا كذلك، لكنه في الحقيقة يعكس وعيًا وإدراكًا عميقًا بما يحتاجه لبنان اليوم.

لقد كان سمير جعجع من القلائل الذين توقعوا كل ما نعيشه اليوم ليس من باب التنبوء انما ما باب المبدئية المرتكزة على مسار التاريخ حيث لا يصح الا الصحيح.
على مدار أكثر من عشرين عامًا، حذّر "الحكيم" من العواقب التي نواجهها اليوم: هيمنة السلاح غير الشرعي، انهيار المؤسسات، هجرة العقول، وإفقار شعب كان يومًا رمزًا للازدهار.

عندما اختار البعض التهرب من مواجهة الحقيقة، كان سمير جعجع في مواجهة مباشرة معهم.
حين لجأ البعض إلى التسويات والمساومات، اختار هو المقاومة السياسية المبدئية.

أنا شاب ناشط وطموح، أرى في "الحكيم" مثالًا للقائد الذي يتمتع بالنضج السياسي، البراغماتية، وقبل كل شيء، الشفافية.
في نظري، سمير جعجع ليس مجرد رئيس حزب، بل هو رجل دولة بالضمون والشخصية..
سواء في السلطة التنفيذية، أو التشريعية، أو حتى القضائية، لم تنجرف القوات اللبنانية يومًا نحو الزبائنية أو التواطؤ مع الفاسدين. على العكس، لعبت القوات دورًا في بناء الدولة في كل موقع شغلته.

لكن ما يميز الحكيم هو التزامه، التزامه بدولة سيدة حرة مستقلة متطورة شفافة.. 
اللامركزية الإدارية والمالية والسياسية هي إحدى أبرز أولوياته.
دعا جعجع إلى اللامركزية الإدارية والمالية لتوزيع السلطة والموارد بشكل عادل على المناطق، مما يعزز استقلالية القرار المحلي ويُبعد التدخلات الطائفية والزبائنية الفاسدة.

كما كان من الاوائل الذين عملوا على آلية التعيينات المناسبة، وهو قانون يهدف إلى إلغاء الزبائنية في التعيينات على أساس الطائفة واستبدالها بمعيار الكفاءة. ورغم رفض قوى المحور الممانع لهذا الإصلاح، فإن جعجع ثابت في موقفه بأن معايير الكفاءة والشفافية هي السبيل الوحيد لبناء دولة قوية .

لقد نادى الدكتور جعجع أيضًا بضرورة تطبيق الحياد الإيجابي، ليكون لبنان نقطة التقاء بين الثقافات والحضارات، بعيدًا عن صراعات المحاور الإقليمية. لبنان الذي نريده هو لبنان الذي يلعب دورًا رياديًا في المنطقة، لبنان السلام والانفتاح.

رغم تقديري لكفاءة العديد من المرشحين، إلا أنني لا أستطيع قبول أي رئيس آخر غير سمير جعجع.
رئاسة الجمهورية اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، لا يمكن أن تكون خيار تسوية أو بطاقة مقايضة. نحن بحاجة إلى رئيس رؤيوي، شجاع، قادر على كسر النظام القديم.
وهذا الرئيس هو سمير جعجع.

و رغم دعمي العميق للدكتور سمير جعجع، فإنني لستُ عضوًا في حزب القوات اللبنانية.
دعمي له لا ينبع من ولاء حزبي، بل من قناعة سياسية عميقة.
أنا، كما رفاقي، ناشط في المجتمع  وأسعى إلى التغيير. نحن جيل كامل من اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعًا بالخطابات الفارغة والوعود الجوفاء والكلام المنمّق.

هذا الاختيار لا يخصني وحدي، بل يعكس تيارًا من الشباب اللبناني الذي يريد اليوم كسر الحلقة المفرغة.
جيل يرفض منطق "الزعيم"، ويرحب بمنطق "رجل الدولة". جيل يطمح إلى رئيس يحترم مقام رئاسة الجمهورية، رئيس لا يُختار في عواصم إقليمية، بل رئيس يولد من الإرادة الوطنية.

أعتقد أن هذه الرسالة، تتردد من صدى ارادة شعب بأكمله.
شعب لا تنقصه الكفاءات، ولا المواهب، ولا الطاقات البشرية. ما ينقصه هو قيادة نزيهة وصلبة، قادرة على مواجهة الأزمات بشجاعة وتوفير فرص النجاح والاستقرار.
هذا هو الدور الذي أراه في سمير جعجع.

أراه رجلاً قادرًا على قيادة السفينة وسط العواصف، القائد الذي يحتاجه لبنان اليوم.
لبنان الذي مرّ بتجربة الانقطاع المستمر للكهرباء، ونقص الوقود، وانهيار الليرة، وانفجار مرفأ بيروت. 

سمير جعجع المعتقل السياسي، الذي تعرّض لاشنع الاتهامات والتشويه على مدى ٣٦ عاما، برهن دون ادنى شك اعتبارا من ٢٠٠٥ ولغاية تاريخه انه الاصدق. ما سمعه جيلي عنه نقضه الحكيم بممارسته الصادقة والمبدئية…

هذا الجيل، الذي لا يريد الاستسلام، يرفض فكرة "لبنان انتهى"، جيل المستقبل وجيل التّغيير .

هذا الجيل، الذي عاش في الخارج رغماً عنه، ظلّ متصلًا بوطنه الجريح، يصرخ اليوم : "كفى".
لم يعد مستعدًا للمراهنة على شخصيات رمادية أو رؤساء توافقيين. يريد رئيسًا يعكس تطلّعاته وطموحاته وآماله.


وهذا الأمل ، اليوم ، 
له إسم :
إنّه سمير جعجع .


المصدر : Transparency News