خليل الكردي


بشار الأسد، الرجل الذي ورث السلطة ليصبح رمزًا للقمع في الشرق الأوسط، لم يكتفِ بإخماد صوت الحرية في سوريا؛ بل تجاوز كل الحدود ليحوّل البلاد إلى مسرح مفتوح للموت والجريمة المنظمة. تحت حكمه، أصبحت سوريا مقبرة جماعية، وساحة للنهب والإبادة، ومصنعًا للمخدرات التي تهدد المنطقة بأسرها.

الأسد، الذي يدّعي اليوم أن “لا وجود لمعتقلين” في سجون نظامه، يعترف دون أن يدري بجريمة أخرى أكثر فظاعة. كيف يكون هناك معتقلون إذا كان قد أبادهم جميعًا؟ السجون التي كانت مخصصة للتعذيب والإبادة الجماعية لم تكن بحاجة إلى إطعام أو علاج المعتقلين؛ لأنهم ببساطة قُتلوا ودُفنوا في مقابر جماعية، أو أُحرقوا في أفران صُنعت خصيصًا لمحو أي دليل يدينه.

لكن القصة لم تنتهِ هنا. فبينما كان يقتل المعتقلين في سراديب الموت، كانت كاميرات توثق مشاهد التعذيب والبشاعة لتُباع على “الدارك ويب”، حيث أصبح العذاب البشري تجارة مربحة. هذه التفاصيل المروعة تُظهر بوضوح إلى أي حد تجاوز الأسد كل الحدود الأخلاقية، محولًا حياة الأبرياء إلى محتوى دموي يستفيد منه القتلة.

ومع كل ذلك، لم يتردد الأسد في تسليم مفاتيح سوريا إلى روسيا حين شعر أن نظامه يترنح. لقد منح موسكو السيطرة الكاملة على البلاد، مقابل الحفاظ على كرسيه الملطخ بالدماء. وبينما اعتبر الثورة الشعبية “إرهابًا”، لجأ إلى الإرهاب الحقيقي، حيث سمح لروسيا بقتل المدنيين وقصف المستشفيات وتشريد الملايين. ومع ذلك، يظهر في المحافل الدولية كأنه زعيم شرعي، رغم أن يديه ملطختان بدماء شعبه.

لكن جرائم الأسد لم تتوقف عند القتل، بل امتدت إلى الجريمة المنظمة. تحت حكمه، أصبحت سوريا أكبر مصدر للكبتاجون في العالم. مصانع المخدرات انتشرت في ممتلكات عائلته والمقربين منه، حيث يُنتَج هذا المخدر القاتل بكميات هائلة، ليتم تهريبه عبر الموانئ السورية إلى دول الجوار. تجارة الكبتاجون أصبحت شريان الحياة الوحيد لنظامه، الذي يستخدم عائداتها لتمويل جرائمه ودعم شبكاته الفاسدة.

الأضرار التي سبّبها الأسد تجاوزت حدود سوريا. لقد دعم إيران في تحويل سوريا إلى جسر لإمداد حزب الله في لبنان بالسلاح، مما ساهم في تدمير لبنان اقتصاديًا وسياسيًا. لكن المفارقة أن مغامرات الأسد أدت إلى تفكيك هذا المحور. اليوم، بات شريان الحياة الذي يربط إيران بحزب الله تحت رقابة مشددة، مما أدى إلى عزلة الحزب وتراجع قدراته.

وفي النهاية، لا يمكن أن تمر جرائم الأسد دون محاسبة. الصور المسربة التي كشفت التعذيب، والمقابر الجماعية التي تُكتشف يومًا بعد يوم، وتجارة الكبتاجون التي دمرت المجتمعات، كلها شواهد على حقبة سوداء لن تُنسى.

إلى أبواق النظام الذين ينكرون هذه الجرائم أو يدافعون عنها: كيف يمكن لطاغية قتل شعبه وسلّم بلاده لقوى أجنبية أن يكون زعيمًا شرعيًا؟ كيف يمكن للعالم أن يغض الطرف عن المقابر الجماعية التي دفنت فيها أحلام السوريين؟

بشار الأسد قد يظن أنه أفلت من العقاب، لكنه صنع لعنة لن تزول. سوريا التي أرادها تحت قبضته تتحرر اليوم من أغلاله، والعدالة قد تتأخر، لكنها لا تُخطئ. التاريخ لن ينسى، والشعوب التي عانت لن تسامح.

(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News