في عام 2024، شهدت المواجهة بين إسرائيل وإيران تصعيدًا انتقائيًا على وقع الرد والرد المضاد، دون أن يصل إلى صراع شامل قد يجر المنطقة إلى حرب واسعة بتكاليف باهظة.


 وعلى الرغم من الهجمات المتبادلة، يظل الطرفان بعيدين عن النزاع المفتوح، ويعتمدان على الردود المحدودة للحفاظ على ماء الوجه دون الانزلاق إلى تصعيد غير منضبط.

أربع هجمات مباشرة: إشعال التوتر دون انفجار شامل

انطلقت فصول المواجهة الكبرى في أبريل 2024 بعد هجوم إسرائيلي غير مسبوق استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، مما أسفر عن مقتل قادة في الحرس الثوري الإيراني. ردت إيران سريعًا بهجوم "الوعد الصادق" في 14 أبريل، باستخدام صواريخ ومسيرات، لكن الدفاعات الجوية أسقطت معظم الهجمات قبل وصولها إلى أهدافها. في 19 أبريل، ردت إسرائيل بشكل محدود على الهجوم الإيراني بمسيرات استهدفت مدينة أصفهان، دون أن يسفر عن خسائر.

ثم تصاعدت المواجهة مجددًا في أكتوبر 2024 مع هجوم "الوعد الصادق 2" الإيراني، حيث استهدفت إيران قواعد عسكرية إسرائيلية بالصواريخ فرط الصوتية، ولكن الهجوم لم يسفر عن سقوط قتلى. أما الرد الإسرائيلي في 26 أكتوبر فكان عملية "أيام الرد" التي استهدفت الدفاعات الجوية الإيرانية، وتسبب الهجوم في أضرار محدودة مع تسجيل قتيلين في الجيش الإيراني.

وبينما كانت التصريحات وتهديدات الطرفين تملأ الأجواء، تبيّن لاحقًا أن الأهداف العسكرية كانت بعيدة كل البعد عن الحرب الشاملة. إسرائيل سعت إلى إضعاف إيران بشكل تدريجي عبر ضرباتها العسكرية الموجهة، بينما أرادت إيران ردع إسرائيل دون التصعيد الكامل، في محاولة لحماية مصداقيتها أمام حلفائها.

القدرات العسكرية: تفاوت في الأساليب والاستراتيجيات

تظل إسرائيل متفوقة في قدرتها العسكرية، مما يسمح لها بتوجيه ضربات دقيقة من خلال عمليات استراتيجية لتفكيك قوة إيران دون تعريض نفسها لانتقادات دولية أو الدخول في صراع شامل. من جهة أخرى، تعتمد إيران على حجمها الجغرافي وأذرعها العسكرية المنتشرة في المنطقة، محاولةً تحقيق موازنة بين طموحها في توسيع نفوذها وبين مخاطر الدخول في صراع شامل.

المرحلة المقبلة: حرب باردة بين الطرفين

بحلول نهاية عام 2024، تبدو المواجهة بين إسرائيل وإيران قد دخلت مرحلة جديدة من التصعيد المحدود، حيث يقتصر التوتر على الردود الانتقائية التي تعكس أن الطرفين لم يصلوا بعد إلى نقطة اللاعودة. وعلى الرغم من أن المواجهة لم تصل إلى حرب شاملة، فإن التصريحات من الجانبين تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد استعراضات للقوة ضمن حدود "حرب باردة" في منطقة الشرق الأوسط، مع الحفاظ على قواعد الاشتباك غير المباشرة في مساحات الظل.


المصدر : وكالات