وسط المشهد السياسي اللبناني المعقّد، تزداد الضبابية بشأن قدرة القوى النيابية على إنهاء الشغور الرئاسي في الجلسة المقررة في التاسع من يناير المقبل. وبين الغموض الذي يلف المواقف، وغياب التفاهم بين القوى المعارضة و"الثنائي الشيعي"، تبقى البلاد عالقة في مأزق يهدد بمزيد من التأزم. في ظل هذا الواقع، تتسابق الضغوط الدولية والإقليمية مع الاصطفافات الداخلية لإيجاد مخرج يعيد للبنان استقراره، فيما يبقى السؤال: هل ستُحسم المعركة الرئاسية أم ستتأجل لتضيف فصلاً جديداً إلى الأزمة السياسية الممتدة؟


يبدو أن الكتل النيابية تواجه صعوبة في التنبؤ بنتائج جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في التاسع من يناير المقبل. يعود ذلك إلى غموض مواقف الأطراف السياسية وانقطاع التواصل بين المعارضة و"الثنائي الشيعي" للتوصل إلى توافق على مرشح مشترك. كما أن تعدد المرشحين يستدعي عملية غربلة معقدة، بينما تسعى الكتل إلى حسم خياراتها الرئاسية مع بداية العام الجديد.

على الرغم من الضغوط الدولية للإسراع في انتخاب رئيس جديد، إلا أن ذلك لا يضمن أن الجلسة ستفضي إلى انتخاب الرئيس، حتى لو بقيت مفتوحة لدورات متتالية. يتطلب الأمر توافقاً نيابياً واسعاً وإرادة لتقديم التنازلات، خاصة أن الملف الرئاسي يشكل محوراً دولياً وإقليمياً، مع تركيز على مواصفات رئيس يتمتع بدعم واسع ومؤهلات قادرة على قيادة الإصلاحات ومواكبة تطبيق القرار 1701.

يبقى اسم قائد الجيش في مقدمة السباق الرئاسي، لكن النواب المؤيدين له يشترطون ضمانات بتأمين أغلبية الثلثين (86 نائباً) لحسم الجدل الدستوري. ومع ذلك، قد تحمل الجلسة مفاجآت في ظل تصاعد الدعم الدولي والإقليمي له، بالرغم من أن زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكستين المرتقبة تركز على تثبيت وقف إطلاق النار في الجنوب بدلاً من مواكبة الملف الرئاسي.

على صعيد الاصطفافات النيابية، يواجه "الثنائي الشيعي" تراجعاً في تأييد بعض النواب السنة الذين كانوا قد دعموه في الجلسة السابقة. كما أن الجلسات المقبلة قد تشهد تغييرات في المواقف، ما يفرض على الكتل النيابية حسم خياراتها سريعاً. وفي هذا السياق، يبرز تساؤل حول موقف المعارضة، خاصة أن ترددها في حسم دعمها لمرشح معين قد يمنح خصومها فرصة لتعزيز مواقعهم.

أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فهو يواجه صعوبة في تحقيق توافق على رئيس يتناسب انتخابه مع التحولات الإقليمية. ويبدو أن هناك خيارات قيد البحث داخل المعارضة، مع انتظار قرار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بشأن ترشحه. وفي الوقت ذاته، يُطرح احتمال أن يستعيد "الثنائي الشيعي" دراسة دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور كخطوة لإرباك المعارضة، مع استمرار حزب الله في دعم سليمان فرنجية.

في النهاية، يبقى الميدان النيابي هو الحكم في تحديد مصير الانتخابات الرئاسية، وسط التحديات المتمثلة في ضمان النصاب اللازم وتوفير التوافق السياسي، ما يفرض على جميع الأطراف التحرك لتجنب المزيد من التأزم الداخلي والضغط الدولي المتزايد.


المصدر : الشرق الأوسط