باتت العيون شاخصة اليوم على ما سيحمله عام 2025 من انجازات وابتكارات طبية وعلمية قد تحدث ثورة في عالم الطب والصحة. وفي هذه السطور، سنغوص قليلاً في الاكتشافات الطبية المرتقبة التي قد تطبع بصمتها في تاريخ الطب. وقد ينقذ بعضها أرواحاً كثيرة، فيما ينتظر أن تساعد أخرى في معالجة أمراض مزمنة.


1- تصنيع أول قلب بشري اصطناعي باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد

حتى الآن، تتصدّر أستراليا سباق تطوير أول قلب اصطناعي طويل الأمد، وهو مشروع طموح بدأ تحققه على أرض الواقع في 2024، بعد تعرض أحد الأشخاص لأزمة قلبية مدمرة. ويتوقع أن تشهد السنة الجارية قفزة في تلك الصناعة التي قد تضع حداً لعمليات زرع القلوب ونقلها من جسد إلى آخر، مع ما يصاحب ذلك من إشكاليات وصعوبات شتى.

وبعد عشرة أعوام من العمل الدؤوب، توصل المهندس الأسترالي دانيال تيمز مع فريق علمي في شركته المسماة "بيفاركور" BiVACOR إلى تطوير أول قلب صناعي طويل الأمد. ويشار إلى ذلك النوع من الأجهزة بمسمى "قلب اصطناعي بالكامل" Total Artificial Heart. وفي صيف 2024، زُرِع ذلك القلب في صدر مريض أميركي عمره 58 عاماً، واستطاع الاستمرار في العمل لبضعة أيام. ومن المتوقع أن يشهد العام الجاري  اختبارات متوالية عليه. وكذلك يرجح أن يصل مشروع القلب الاصطناعي بالكامل، إلى اكتماله تقنياً ويصبح وسيلة معتمدة للتعويض عن القلوب التالفة، في وقت مبكر من العام 2025.

,يبلغ وزن الجهاز حوالي 600 جرام، لكنه لا يشبه أي قلب موجود في جسم الإنسان. فهو لا ينبض؛ بل يصدر صوتاً يشبه الهمسات، وفق ما نشر موقع "ساينس أليرت" Science Alert.

 وكذلك يجري العمل على أن لا يتسبب القلب المصنوع من التيتانيوم برد فعل مناعي قوي في جسد متلقيه. ومعلوم أن القلوب المتبرع بها تسبب في رد فعل مناعي كبير ومستمر في الجسم الذي يُزرع فيه، بسبب التفاوت بين التركيبة الجينية للمتبِرع عن الجينوم في المتلقي. 

2- هل يكون عام 2025 هو عام لقاح السرطان؟

بعد عقود من الإحباط، تُظهر الجهود المبذولة لإنشاء لقاحات تحفز الجهاز المناعي لمكافحة السرطان، وعوداً وأمالاً متجددة. وتتطلع الأعين اليوم إلى روسيا التي أعلنت عن تطوير لقاح يقي من الأورام الخبيثة، ومصنوع بتقنية "إم آر أن إيه" mRNA التي استُخدِمَتْ في صنع لقاح "بيونتيك" المضاد لكورونا. وفي منتصف ديسمبر (كانون أول) 2024، أوضحت موسكو أنها ستوفره مجاناً لمواطنيها في الهزيع الأول من العام 2025.

أظهرت التجارب ما قبل السريرية للقاح السرطان أنه يساهم في تقليل تطور الأورام والحد من انتشارها المحتمل. ويعتبر هذا اللقاح المبتكر نقطة تحول في علم الطب وفرصة لتغيير قواعد اللعبة في علاج السرطان، وفق ما نشره موقع "بيزنس تو داي" Buisness Today.

وفي منحىً متسربل بغموض كثيف، أوضح باحث متقدم في وزارة الصحة الروسية أن اللقاح مصمم كي يعمل كعلاج لمرضى السرطان، بأكثر من كونه عنصر وقاية على غرار ما تكونه اللقاحات تقليدياً. وكذلك رشحت معلومات في موسكو تفيد بأن علماءها طوروا تقنية "إم آر أن إيه" mRNA بما يمكنهم من إنتاج "لقاح" يتوافق مع التركيب الجيني لكل مريض على حدة. وكذلك عُلِم أن تلك التقنية تكلف قرابة ثلاثة آلاف دولار لكل  تركيبة علاجية شخصية.

وكذلك يسود الغموض التفاصيل المتعلقة بأنواع السرطان التي سيتوجه إليها اللقاح. ويعتقد الخبراء أنه قد يستهدف الأشكال الأشد صعوبة من الأورام الخبيثة.  

3- أدوية جديدة لعلاج الوزن والسمنة

في الآونة الأخيرة، تحقق نجاح باهر في علاج السمنة [والسكري من النوع الثاني] بفضل عقار "ويغوفي" Wegovy (سيماجلوتايد) وغيره من الأدوية التي تتعامل مع  هرمون "جي أل بي- 1" بما يؤدي إلى خفض مستوى السكر وزيادة إفراز الأنسولين اللازم لعمليات تحويل الغلوكوز إلى طاقة في الخلايا. 

من المرجح أن يحقق عام 2025 موجة جديدة من العلاجات التي تستهدف السمنة.

وفي ذلك الصدد، تعتزم شركة "إيلي ليلي" للأدوية الانتهاء من مرحلة التجارب السريرية على دواء "أورفولبرون" (orforglipron) الذي يتعامل مع هرمون "جي أل بي- 1" يؤخذ من طريق الفم، لتقييم سلامته على المدى الطويل لدى المصابين بمرض السكري من النوع الثاني، وفق ما نشرته مجلة "نايتشر".

في المقابل، تستعد مؤسسة أخرى، وهي شركة "آمجين" Amgen في كاليفورنيا، لإجراء تجارب المرحلة الثالثة على عقار ماريتيد  maritideالذي يمكن تناوله شهرياً ويستهدف مسارين متعلقين بالتحكم في نسبة السكر في الدم والتمثيل الغذائي.

4- أول دواء مسكن غير أفيوني لعلاج الألم الشديد

قد يشهد عام 2025 نقطة تحول في كيفية علاج الآلام الشديدة. ومن المتوقع أن تنتهي الجهات التنظيمية الأميركية من مراجعة مسكن الألم غير الأفيوني "سوزيتريجين" (suzetrigine) في كانون الثاني/ يناير 2025. وإذا نال الموافقة عليه، سيكون الدواء الذي طورته شركة "فيرتكس فارماسوتيكس" (Vertex Pharmaceuticals ) في بوسطن، ، الأول في فئة جديدة من الأدوية المخصصة لعلاج الألم الشديد الحاد. ويعمل على مسارات في الأعصاب التي تنقل الإحساس بالآلام، خصوصاً المتوسطة والشديدة، ويُقفل الطريق أمام انتقال إشارات الألم.  وقد قدم موقع "فارماسيوتيكال تكنولوجي"  pharmaceutical technology مقالاً فيه تفاصيل عن ذلك الدواء.

5- أجهزة لقراءة الأفكار

في عام 2025، تخطط الصين لاختبار تقنيات تندرج ضمن تسمية "واجهة الدماغ والحاسوب" (Brain Computer Interface)، بمعنى أنها تربط هذين الجانبين معاً. وتعتزم الصين صنع أداة من تلك الفئة تستطيع أن تنافس الرقاقات المتطورة التي ابتكرتها شركة "نيورالينك" Neuralink التابعة لإيلون ماسك، ومقرها في فريمونت بكاليفورنيا. وقدنُشرت تفاصيل عن ذلك التسابق في مقال على موقع مجلة "نايتشر". 

أعلنت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية عن خطط لتطوير أجهزة من فئة "واجهة الدماغ والحاسوب" تُستخدم في مجالات متعددة، بدءًا من إعادة التأهيل الطبي وصولاً إلى الواقع الافتراضي.

أحد هذه المنتجات هو جهاز "نيو" NEO    الذي يستخدم موجات لاسلكية في الربط بين الدماغ والكمبيوتر. ولا يتستلزم سوى تدخل جراحي محدود هدفه تثبيت ثمانية أقطاب كهربائية فوق قشرة الدماغ الحسية الحركية.

صُمم ذلك الجهاز كي يساعد في استعادة حركة اليد لدى الأشخاص المصابين بالشلل. بدأت التجارب السريرية لجهاز NEO في العام 2023، وأظهرت النتائج الأولية أن أحد المشاركين المصابين بإصابة في الحبل الشوكي تمكن من الأكل والشرب والإمساك بالأشياء بعد استخدام الجهاز لمدة تسعة أشهر في المنزل.

 يخطط الباحثون المسؤولون عن تطوير  "نيو" لتوسيع التجارب السريرية إلى نطاق أوسع في عام 2025.

6- الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية

يتوسع دور الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية ليشمل تطبيقات متنوعة، بدءًا من اكتشاف الأدوية وصولاً إلى التحليلات ذات الطابع الاستباقي والتوقعي. وفي العام 2025، من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين الكفاءة التشغيلية، وزيادة دقة التشخيص الطبي، وتقديم خطط علاجية مخصصة لكل مريض على حدة، مما يُحدث تحولاً كبيراً في جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، وفق ما ذكر موقع مجلة "فوربيس" Forbes.