كتبَ رئيس دائرة الإعلام الداخلي في القوات اللبنانية مارون مارون:

بعد اختفائها لأسابيع طوال، عادت أصوات مسؤولي حز..ب الله لترتفع مُجدداً، مُهدّدة بالويل والثبور وعظائم الأمور، سواء داخل مجلس الوزراء أم في وسائل الإعلام... التهديد لا يشمل إسرائيل وحسب، إنما الداخل اللبناني أيضاً، يضعون الفيتوات، يُصنّفون الأحرار، ينصّبون أنفسهم أنصاف آلهة، وكأن هؤلاء لم يشبعوا بعد من الدماء والدمار والتشريد والتخريب...
يُفاخرون وكأنهم يحتلّون الجليل ويحاصرون حيفا، يتبجّحون وكأنهم يأسرون مئات الجنود والضباط الإسرائيليين ومن ضمنهم الكولونيل أفيخاي أدرعي... يُكابرون وكأنهم لا زالوا يُقاتلون في سوريا، لا بل يقتلون الأبرياء فيها إلى جانب نظامٍ ساقطٍ قبل سقوطه... لغة الإستعلاء لا زالت تتحكّم بمنطقهم المفقود، وكأن حركة حماس لا زالت موجودة ويرأسها اسماعيل هنيّة ويقودها يحيى السنوار...
يتصرّفون وكأن المحور لا زال قائماً، ووحدة الساحات في أبهى صُوَرها، وقوّة الردع تتحدّث عن نفسها، كما أن توازن الرعب قد أثبت حضوره على مدى شهرين وأرهب العالم بأسره. وأكثر من ذلك، يُفاخرون بإنجازاتهم وكأن قاسم سليماني قد اغتال الرئيس ترامب وليس العكس...
فهم هربوا من سوريا، على قاعدة وفي الهريبة كالجنرال أو كبشّار، وتركوا مقام السيّدة زينب لِقَدَره، هذا المقام الذي طالما أتحفونا أنهم دخلوا سوريا للدفاع عنه، ها قد تخلّوا عن هذه المهمة اليوم...
نعم، كان هدفهم تحرير الأقصى، فخسروا مقام السيّدة زينب وباتوا ممنوعين من دخول سوريا... كان هدفهم المُعلن والكاذب مساندة غزّة، فأُبيدت، وتحرير القدس، فباتت الدبابات الإسرائيلية في مدن وبلدات الجنوب اللبناني، وظهر الجنرال أدرعي كمرشد عسكري، في حين اختفى قادة الممانعة، فمنهم مَن اختبئ تحت التراب إلى الأبد، ومنهم مَن اختبئ تحت الأرض خوفاً وجُبناً، ليظهر لنا بعد الحرب كبطل أسطوري لا يُقهر... وأكثر من ذلك، فقد تقطّعت الأوصال بين أعضاء المحور وانقطعت طرق الإمداد، وتوقّف تهريب الكابتاغون والسلاح والمال النظيف والطاهر، إنما بقيت القصائد وأبيات الشِعر، إضافة إلى الدعم الإنشائي تأتيهم بغزارة من خلف الحدود بلغة فارسية أشبه بالكرشونيّة، لتبني ما تهدّم وتُعيد الروح لمن سقط على طريق القدس...
بعد كل ما حدث، وبعد كل ما ذكرناه أعلاه، وهو غيض من فيض الزلزال الذي طال محور الممانعة، لا زال بعض الأشاوس يُهدّدون بشن عمليات وحروب بعد انقضاء مهلة ال 60 يوماً، وكأن لا اتفاق تم توقيعه من قِبَل الحكومة اللبنانيّة، ولا وجود لدولة إسمها لبنان، تتخذ القرارات المناسبة...
بلى، يعترفون بمؤسسات الدولة حين يريدون التوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النار لالتقاط أنفاسهم، أو حين يريدون الإختباء من الإستهدافات فيلجؤون إلى مبنى مجلس النوّاب كونه يحظى بحصانة الدولة اللبنانية...
هؤلاء لا يليق بهم الإلتزام في كنف دولة وقانون ومؤسسات ودستور، وذلك لا لشيء إلا لأنهم لا يُجيدون سوى الهدم والخراب واستجرار الحروب والأحزان، وإن قُضي الأمر ولم يبقَ ما يهدمونه، فيعمدون إلى الرقص بأقدام ليست من لحمٍ ودمٍ، وبقلوب من حجارة فوق جدران سوداء أكلتها النيران، وفوق جبال من الركام والأطلال والذكريات والأحزان... والسلام.
#فيتو_الشرف