تترقب الأوساط السياسية في لبنان موعد الجلسة البرلمانية المقررة في 9 كانون الثاني 2025، التي قد تكون بمثابة "خط النهاية" لفراغ رئاسي مستمر منذ 26 شهراً.


 وتُعتبر هذه الجلسة نقطة مفصلية في مسار لبنان السياسي، إذ ينتظر أن تفتح الباب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتخرج البلاد من المأزق الذي طال أمده، وسط تحولات جيوسياسية متسارعة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

تداخل الملفات الداخلية والإقليمية

 لم تعد الانتخابات الرئاسية في لبنان مجرد استحقاق داخلي، بل باتت تتداخل مع ملفات إقليمية معقدة، منها الحرب في الجنوب اللبناني والتطورات في سوريا، فضلاً عن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل. هذه التحديات تجعل من الصعب التنبؤ بنتيجة الانتخابات، إذ تزداد الضغوط للتوصل إلى توافق داخلي في ظل هذه العوامل المعقدة.

السيناريوهات المحتملة

ينحصر النقاش حول ثلاث سيناريوهات رئيسية للجلسة القادمة:

  1. نجاح قائد الجيش جوزف عون: في حال تمكن عون من الحصول على غالبية الثلثين (86 صوتاً) في الدورة الأولى، سيكون هذا بمثابة الحل الأسرع والخروج من الفراغ الرئاسي. عون يحظى بدعم داخلي وخارجي، خصوصاً من القوى العربية والدولية التي تأمل أن يُسهم في استقرار لبنان وتعزيز الأمن في البلاد. وإذ سيتضح الموقف النهائي لبري و"حزب الله" في اليومين المقبلين، فإنّ خيارَ قائد الجيش ما زالت تعترضه الحاجة إلى غطاء مسيحي من واحدة من كتلتين، إما "التيار الوطني الحر" الذي يرفض رئيسه جبران باسيل في شكل قاطع انتخاب عون، وإما "القوات اللبنانية" التي تؤكد معلومات أنها لم تبلغ الموفد السعودي اعتراضاً على قائد الجيش بل رهنت السير به بتوافر غالبية الثلثين له، وذلك خشية أن يكون الثنائي الشيعي مع باسيل يعدّون "تهريبة" لمرحلة الـ 65 صوتاً (الدورة الثانية وما بعد) ينبغي التحسب لها بـ "ما يلزم".

  2. الانتقال إلى دورات اقتراع أخرى: في حال فشل عون في نيل الأغلبية المطلوبة، سيتم الانتقال إلى دورة ثانية حيث يُتوقع طرح أسماء أخرى مثل جهاد أزعور والياس البيسري وجورج خوري. وفي هذه الحالة، سيكون من الضروري أن يحظى الرئيس الجديد بتوافق عربي ودولي.

    1. فشل جميع المرشحين وتأجيل الجلسة: هذا السيناريو يُعد الأخطر، حيث قد يرفع بري الجلسة ويحدد موعداً سريعاً، من دون أن يعني ذلك إسقاط احتمال دفْع الاستحقاق لِما بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 الجاري، مع ما ينطوي عليه ذلك من مَخاطر تَمْثُل أساساً في الأسبوعين الفاصلين عن هذا التاريخ والخشية من اندفاعةٍ اسرائيلية سواء في اتجاه إيران أو حتى نحو مزيد من تهشيم اتفاق وقف النار مع لبنان وتنفيذه بنسخةٍ تنخرها الخروق الفاضحة. وبذلك يؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية في لبنان، مع احتمالات لتدخلات خارجية أو تجدد التوترات والعنف في البلاد.

الدور الإقليمي والدولي

تشير المصادر إلى الدور البارز الذي تلعبه السعودية والولايات المتحدة في التأثير على عملية انتخاب الرئيس اللبناني. موفد السعودية الأمير يزيد بن فرحان يسعى لتحقيق توافق حول شخصية الرئيس المقبل، فيما يركز الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل. يعمل الطرفان معاً لضمان استقرار لبنان وتحقيق توافق دولي وعربي في اختيار الرئيس.

موقف حزب الله

فيما يتعلق بموقف حزب الله، تشير المعلومات إلى أن الحزب لا يمانع في انتخاب قائد الجيش جوزف عون، ما يُعتبر إشارة إيجابية لحل الأزمة السياسية، رغم أن الحزب لم يقدم دعماً صريحاً بعد. ويبقى الموقف غير حاسم حتى الآن، ويعكس حالة من الحذر السياسي.

ختاماً، يؤكد المراقبون أن التحديات التي تعترض انتخاب الرئيس اللبناني عديدة ومعقدة، سواء على الصعيد السياسي الداخلي أو في علاقات لبنان الإقليمية والدولية. الانقسامات السياسية المحلية، المصالح المتضاربة، وحسابات القوى الكبرى تزيد من صعوبة التوصل إلى توافق نهائي، مما يجعل مصير الجلسة المقبلة غامضاً ويعزز من الترقب حيال نتائجها.


المصدر : وكالات