كتب مارك إليان، على منصة "اكس" :


إذا كان هناك سؤال واحد بقي دون إجابة ملموسة منذ يوم الخميس، فهو التالي :

ماذا حصل بين الدورة الأولى والدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية لكي يحصل المرشّح جوزيف عون على ثمانية وعشرين صوتاً إضافيّاً ؟ بمعنى آخر : ماذا دار بينه وبين الثنائي الشيعي وعلام اتّفقا ؟ بحسب مصادر مطّلعة وقريبة من قناة "المنار"، أبرز النقاط التي جرى تثبيتها خلال اللقاء الثلاثي الذي جمع العماد عون ورئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمّد رعد والمستشار السياسي للرئيس نبيه برّي النائب علي حسن خليل، هي التالية : أوّلاً، فصل القرار ١٧٠١ عن القرار ١٥٥٩ والتمييز بين جنوب الليطاني وشماله ؛ ثانياً، تثبيت دور الثنائي في تشكيل الحكومة المقبلة ؛ ثالثاً، الحصول على ضمانات بخصوص وزارة الماليّة والتشكيلات الرئيسية القادمة، لا سيّما القضائيّة والعسكريّة والأمنيّة ؛ رابعاً وأخيراً، الحصول على ضمانات بملفّ إعادة الإعمار لناحية تأمين التمويل والهبات الدولية.

هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة فيما يتعلّق بهذه الشائعات، ولكلّ منها عواقب مختلفة. أوّلاً، قد يكون المصدر غير موثوق أو الشائعة كاذبة بكلّ بساطة. إذاً، قد يكون هناك أسبابًا أخرى قد دفعت "حزب الله" و "حركة أمل" إلى التصويت لجوزيف عون في الدورة الثانية.

وبالتالي، يكون الثنائي الشيعي قد جعل مناصريه يسمعون ما يودّون سماعه، أي أنّ لا ممكن لرئيس جمهوريّة لبنان أن يُنتخب من دون الاتّفاق معه. السيناريو الثاني المحتمل هو أنّ يكون الرئيس عون قد وعد فعلاً الثنائي الشيعي بتطبيق هذه النقاط الأربع، مخالفاً بذلك ما قاله في خطاب القسم، أي بعد لحظات من لقائه مع النائبين محمّد رعد وعلي حسن خليل.

لكن العماد عون ليس انتحاريّاً. فهو يعرف جيّداً الظروف التي انتُخب فيها رئيساً، والبرنامج الذي تعهّد بتطبيقه، سواء داخليّاً تجاه النوّاب الواحد والسبعين الذين منحوه ثقتهم في الدورة الأولى، أو خارجيّاً تجاه المجتمع الدولي الذي تابع جلسة الانتخاب عبر وفوده الحاضرة في مجلس النوّاب.

كما يعلم جيّداً أنّ عهده معرّض للعرقلة والتعطيل وأنّ الدعم الدولي له مشروط بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات والقرارات. 

ولهذا، فإنّ السيناريو الأكثر واقعيّاً نظراً لموازين القوى في المنطقة، هو السيناريو الثالث، أي التزام الرئيس جوزيف عون بتطبيق كافّة النقاط التي ذكرها في خطاب القسم، وذلك رغم اتّفاقه مع الثنائي الشيعي. 

في نهاية المطاف، من المرجّح أن يكون محمّد رعد وعلي حسن خليل نفسيهما على علم أنّه لن ينفّذ عون النقاط الأربع. يمكن أن يقبل الرئيس عون بتعيين وزير ماليّة شيعي هنا، أو قاضٍ شيعي هناك، لكنه لا يمكن أن يقدّم أي تنازل بشأن القضايا الجوهريّة، ومنها مسألة السلاح. 

إذاً، تبقى المسؤوليّة كبيرة على عاتق أوّل رئيس منذ بدء الجمهوريّة الثانية يتعهّد ب"تثبيت حقّ الدولة في احتكار حمل السلاح". الوقت سيخبرنا.


المصدر : Transparency News