حسين عطايا


ثمة ازمة كُبرى تعصف بالثنائي، فالذين اعتادوا على الاستفادة من منافع الحكم والسيطرة على مقدرات البلاد يجدون صعوبة في التأقلم مع مع المرحلة الحالية بعد افول قوتهم وضعف مواجهتهم للمد الشعبي الجارف الذي يجتاح البلاد تأييدا لانتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية مع ما يمثله من امال وتطلعات اللبنانيين على اختلاف انتمائاتهم المناطقية والروحية والسياسية ، وقد اتت عملية تكليف القاضي نواف سلام لتستكمل مرحلة افول نجم الثنائي الذي عاث في البلاد فساداً وتخريباً ودماراً.

على مدى ثلاثون عاماً  وفي ظل الاحتلال والوصاية السورية ومن ثم تبعتها الوصاية الايرانية مع تناغم حكم الثنائي امل حزب الله ، واللذين حكما البلاد وكانت الفترة الاسوأ في تاريخ لبنان الحديث والتي تفوقت على حكم السلطنة العثمانية وما عاناه لبنان من ظلم وفساد ونهب منظم لثروات اللبنانيين بالتعاون مع بقية مافيا الحكم والتي شرعت البلاد على كل انواع الفساد والنهب وبحماية السلاح الغير شرعي تحت مسميات مقاومة تحمي لبنان وجنوبه ، والتي تبين اثناء الحرب الاخيرة ان تلك المقاومة بحاجة لمن يحميها وهي التي اتخذت من اللبنانيين دروعاً بشرية وزرعت مستودعاتها وقواعدها العسكرية بين منازلهم وبين ازقة القرى اللبنانية وحاراتها ليست لتدافع عنهم بل اتخذتهم دروعاً بشرية تستظل بحمايتهم وقد سببت لهم الموت والدمار ، ومن ثم يخرج علينا نعيم قاسم وقبله حسن نصرالله ليحدثنا عن انتصارات إلهية وهمية غير موجودة سوى في مخيلتهم المريضة والمأزومة ، وفي ذلك تعبيراً واضحاً عن مدى جهل وفقر عقل الاسلام السياسي عن متابعة مجربات الحياة الطبيعية وتطورات العلم ومسارات التطور والتقدم الحاصل في العالم ، متخذين من بعض مفردات الفقه الديني غطاءاً لخزعبلاتهم وما يبثونه في عقول اتباعهم لغسل دماغهم والسيطرة عليهم.

هذه كانت في مرحلة سابقة ، اما اليوم فالبلاد تعيش فترة جديدة في السياسة افضت الى ولادة عهد جديد يُلبي طموعات اللبنانيين واحلامهم في وطن جديد تحميه دولته عبر اجهزتها الذاتية وبدعم عربي ودولي غير مسبوق، والذي شكل صدمة لدى ثنائي امل حزب الله، وبالتالي اظهر مدى عقم سياساتهم ومدى قصر نظرهم في فهم التطورات الحاصلة في الاقليم من سوريا الى غزة ولبنان.
فارادوا اشاعة نظرية المؤامرة والانقلاب في تكليف القاضي سلام وعن خيانة اتفاق سبق انتخاب رئيس الجمهورية، بينما الحقيقة الثابة انهم خسروا رهاناتهم في الابقاء على نجيب ميقاتي الذي يحقق لهم سياساتهم وهم في ذلك جعلوا من خسارتهم قضية ميثاقية فقط ليحافظوا على بعض المكاسب التي حصلوا عليها خلال العقود الماضية.

فالطائفة الشيعية ليست ملكية مطوبة باسمائهم ، كما ان ابناء الطائفة الشيعية يزخرون بكفاءات ونُخب تتفوق على الثنائي وما زرعوه في اذهان بعض الاتباع من عامة الناس وجلهم من الاتباع السذج وفيهم الكثيرين الخارجين عن القانون وعن الاجماع الوطني ، لذلك اتخذوا من سياسة توزيع الادوار مطية لعل وعسى يحققون بعضاً من مكتسبات تُبقي على بعض الحصص في توزير بعض الاتباع والمقربين وفي ذلك إرضاء للجماعة التي تتبعهم بعد ان انفض الكثيرين من حولهم من اتباع وحلفاء كانت تجمعهم معهم بعض المصالح والمنافع.

لهذا نجد ان لغة التشدد التي تحدث عنها ومن خلالها محمد رعد رئيس كتلة نواب حزب الله ، يلاقيها وفي ذات التشدد نبيه بري ولكن بلسان مختلف فيه بعض المداهنة والكلام المعسول، والذي كان قد برع فيما مضى عن اختلاق واستيلاد ارانب في بعض الامور، وقد مضى هذا الزمن وولى وانكشفت الاضاليل والألاعيب ولم تعد تنطلي على احد .

من هنا يواجه الثنائي ازمة غير مسبوقة في السياسة اللبنانية ويجدا انفسهما عُراة من ورقة التين التي كانت تستر عريهم واصبحوا مكشوفين امام اللبنانيين بغالبيتهم ولم تعد تنطلي الاعيبهم على احد ، لهذا هم الان يجاهدون ويكافحون للحصول على الحد الادنى من المكاسب لاسيما في تحقيق إعادة الاعمار للمناطق الجنوبية المهمة كما في الضاحية والبقاع لكي يقولوا لللبنانيين في هذه المناطق انهم هم من استحصلوا على إعادة الاعمار ولكن حتى هذه المهمة لم تعد تنطلي على احد بعد خطاب القسم الذي ضمنه رئيس الجمهورية مختلف تطلعات اللبنانيين واستكمل الرئيس المكلف ذات الخطاب الذي يحقق امنيات وتطلعات اللبنانيين خصوصاً ان ثنائي الحكم الجديد" عون وسلام "  هم من خارج المنظومة الفاسدة التي سيطرت على مقدرات البلاد طيلة العقود الماضية،  في ظل دعم عربي ودولي فعلاً غير مسبوق في تاريخ السياسة اللبنانية مما يعزز مسارات النجاح للحكم الجديد وطريقة عمله في ايصال لبنان الى بر الامان والخلاص .

من هنا اصبحت سياسة الثنائي مكشوفة للجميع ولا تمر على عقول اللبنانيين الذي يحلمون بلبنان الجديد الذي يحقق طموحات ابنائه في حكمٍ رشيد غير منغمس في اقانيم الفساد ونهب ثروات الدولة والشعب ، فاصبح نجم  الثنائي يتجه الى الافول والغياب بعد هزيمتين  عسكرية وسياسية وقد وقعا عليها بعد مفاوضات ومماحكات ارادا ان يخرجا منها باقل الخسائر لكنهما لم ينجحا على الاطلاق .