عندما تكتب رندى تقي الدين بعيون الخارجية الفرنسية


كتبت الصحافية رندى تقي الدين في "النهار" مقال بعنوان "القصة الكاملة للدور الفرنسي في الانقلاب الذي أطاح الخطة ب وأوصل عون وسلام" التي من خلاله قدمت سرديّة عن المسار الذي أدى الى انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل حكومة العهد الأولى. ومن خلال سرديّتها تعطي تقي الدين الدور الأكبر للفرنسيين في إنتخاب عون وتعتبر أن من فشّل الخطة ب اي البديل لعون في الرئاسة هم الفرنسيين. وعليه من المفيد توضيح بعض الأمور في هذا السياق انطلاقاً من وقائع تداولتها مصادر معارضة وموالية حتى. فالذي قدّم طرح العماد جوزاف عون بالأساس مرشحاً جدياً لرئاسة الجمهورية هو تقاطع أميركي- سعودي واكبته فرنسا فيما بعد، ففرنسا دورها ثانوي في اختيار عون. ومن المهم التذكير بالتقاطع الأميركي-السعودي على اسم عون أنه انطلق من وجود قبول واسع من الكتل النيابية اللبنانية بالإضافة إلى عوامل ثقة مشتركة بين الدولتين بشخص قائد الجيش جوزاف عون. وايضاً لا بد من التذكير أن فرنسا وفي السنة الأولى من الفراغ الرئاسي كانت لا تزال تطرح اسم سليمان فرنجية لتولي الرئاسة ودعت في مرة من المرات للتوافق حول اسم فرنجية. أما بالنسبة للخطة ب ومن فشّلها، فالأمر يعود الى الثنائي الشيعي الذي كان يرفض انتخاب عون والذي رفض ايضا وقبل ٤٨ ساعة من انتخاب عون طرح المعارضة التي طرحت اسمين على "الثنائي" وهما جهاد أزعور وزياد الحايك ولم يقبل بهما "الثنائي" والذي كان يريد اللواء الياس البيسري رئيسا في الايام الاخيرة التي سبقت جلسة الانتخاب. الخلاصة أن الفرنسيين ليسوا من فشّل الخطة ب بل الثنائي الشيعي، ولم يكونوا الداعم الأساسي لرئاسة جوزاف عون بل كانوا مواكبين للدعم الاميركي-السعودي والقبول الداخلي برئاسة جوزاف عون.

اما في موضوع تكليف القاضي نواف سلام، فإن فرنسا كانت تريد الرئيس نجيب ميقاتي لتولي حكومة العهد الأولى باعتبار انها حكومة لسنة وبضعة أشهر فقط، وقد طرحت على المملكة العربية السعودية اسم ميقاتي التي لم تعارض الأمر. أما في موضوع المعارضة وخيار سلام، فالجميع يعلم أن الدور الأساسي في تسمية سلام يعود للكتل الكبيرة المكوّنة للمعارضة من جهة وعلى رأسها تكتل "القوات اللبنانية"، ومن جهة أخرى يعود الأمر الى قناعة النائب فؤاد مخزومي أن لا حظوظ له بأكثرية مريحة تؤهله لتولي مهمّة تشكيل الحكومة. وأدوار أخرى مهمّة في مسار التكليف لعبتها شخصيات من المعارضة مثل النائب ميشال معوض، والنائب وضاح الصادق والنائب ميشال الدويهي والنائب مارك ضو وغيرهم من نواب القوى التغييرية. اذا، فإن تكليف سلام لم يكن خياراً فرنسياً رئيسياً، باعتبار أن فرنسا كانت تفضّل ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة، كما أن حقيقة الدور الرئيسي لتكليف سلام من قبل المعارضة والقوى الأخرى لا تشبه سرديّة تقي الدين التي تنقصها معطيات كثيرة تطرّقنا لها في الأسطر السابقة.