هل سيكون شباط المنقذ؟ لبنان يواجه خطر الجفاف بسبب انحباس الأمطار
منذ 2 ساعة
الوضع المناخي في لبنان أصبح مقلقاً، إذ تشهد البلاد احتباساً غير مسبوق للأمطار والثلوج، مما يهدد الموسم الشتوي بشكل خطير. لم يشهد لبنان منذ أكثر من 25 عاماً حالة جفاف مماثلة، حيث انقضى كانون الثاني دون أن يسجل هطول كافٍ للأمطار، وتراوحت المتساقطات عند نحو 60% أقل من معدلاتها الطبيعية. فهل سينقذ شباط لبنان من هذا الوضع الكارثي؟
تُشير الأرقام الصادرة عن مصلحة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي إلى أن هذا العام يعد من أكثر الأعوام جفافاً في العقد الأخير. مقارنة بالعام الماضي، شهد لبنان تراجعاً كبيراً في كمية الأمطار، التي لم تتجاوز حتى الآن 243.4 ملم في بيروت، وهو أقل بكثير من المعدل الطبيعي البالغ 429 ملم. حتى التراكمات الثلجية كانت محدودة، إذ لم تشهد البلاد العواصف الثلجية المعتادة التي تستمر لعدة أيام، في حين أن انخفاض درجات الحرارة يمنع الثلوج من الانحدار إلى مستويات أقل من 1500 متر.
ويبدو أن هذا التغيير المناخي ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة للتقلبات المناخية المستمرة التي تهدد لبنان بشكل متزايد. ويؤكد الخبير المائي والأستاذ في الجامعة اللبنانية، الدكتور جلال حلواني، أن لبنان يحتاج إلى ما لا يقل عن 61 يوماً من الأمطار لتحقيق التوازن الطبيعي، وفي حال استمر انحباس الأمطار، قد يدخل لبنان مرحلة خطر على صعيد الموارد المائية. وإذا لم تتساقط الأمطار الغزيرة في الأسابيع المقبلة، فإن مخزون المياه الجوفية سيتعرض إلى أزمة خانقة، ما سينعكس سلباً على الزراعة والصناعة وحتى على توفير المياه للاستخدامات المنزلية.
تأثيرات الجفاف على الزراعة
لا يقتصر التأثير السلبي للظروف المناخية الحالية على نقص المياه، بل يشمل أيضاً القطاع الزراعي الذي يعاني من شح الأمطار. الخسائر الزراعية أصبحت وشيكة، حيث يعاني مزارعو القمح والبطاطا في البقاع من صعوبة في ري محاصيلهم في ظل هذه الظروف الجافة، في وقت يعاني المزارعون من ارتفاع تكاليف الري. ويواجه القطاع الزراعي تحديات كبيرة، حيث بدأت بعض الأشجار المثمرة مثل اللوزيات والزيتون في الإزهار المبكر بسبب الحرارة المرتفعة، ما يعرضها لخطر فقدان أزهارها بسبب الأمطار الغزيرة أو موجات الصقيع المفاجئة.
ويحذر المهندس ميشال إفرام، رئيس مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، من أن لبنان قد يدخل في أزمة مائية وزراعية في حال استمرار انحباس الأمطار، مما سيؤثر بشكل مباشر على إنتاج الفاكهة والمحاصيل. وأوصت مصلحة الأبحاث الزراعية المزارعين بتأخير الزراعة واستخدام تقنيات الري الحديثة للحفاظ على المياه، بما في ذلك الري بالتنقيط.
الآثار النفسية والصحية
تأثيرات الجفاف لا تقتصر على المجالات البيئية والاقتصادية، بل تمتد أيضاً إلى الصحة النفسية للبنانيين. حيث أصبح انقطاع المطر وقلة الثلوج مصدراً للقلق البيئي والاكتئاب، مع فقدان الأجواء الممطرة التي كانت مصدر راحة وسكينة خلال الشتاء. أضحت السماء الصافية والشمس الساطعة تشكل عبئاً على اللبنانيين بدلاً من أن تكون مصدر طاقة، مما يعكس قلقاً متزايداً حيال المستقبل البيئي.
على الصعيد الصحي، أظهرت الدراسات أن انحباس الأمطار قد ساهم في زيادة الحالات المرضية التنفسية مثل الحساسية الصدرية، نظراً لعدم وجود الأمطار الكافية لتنظيف الأجواء من الملوثات، ما يفاقم من معاناة مرضى الربو وحساسية الجهاز التنفسي.
المصدر : وكالات