في خطوة تحمل الكثير من المعاني والدلالات، أعلن رجل الأعمال الإماراتي البارز خلف الحبتور عن قراره المؤلم ببيع جميع ممتلكاته واستثماراته في لبنان، وإلغاء المشاريع الاستثمارية التي كان يعتزم تنفيذها، إضافة إلى قراره بعدم السفر إلى لبنان، لا هو ولا عائلته أو مديري مجموعته.


هذا القرار، الذي وصفه الحبتور بأنه “لم يُتخذ من فراغ”، جاء نتيجة دراسة دقيقة ومتابعة معمقة للأوضاع الراهنة في لبنان، حيث أشار إلى غياب الأمن والاستقرار وانعدام أي أفق لتحسن قريب.

خسارة لبنان لرجل استثنائي

خلف الحبتور ليس مجرد مستثمر عادي، بل رجل أعمال عربي يحمل في قلبه محبة واحتراماً عميقين للبنان وشعبه. على مدى عقود، لعب الحبتور دوراً بارزاً في دعم الاقتصاد اللبناني، عبر استثمارات ضخمة في قطاعات متنوعة تشمل السياحة، العقارات، والمصارف. وفي أصعب الظروف، ظل متمسكاً بلبنان واستثماراته، حتى عندما تكبد خسائر فادحة تجاوزت 1.4 مليار دولار بسبب الأزمة المصرفية وانتهاكات واضحة لاتفاقيات الاستثمار الدولية.

إعلان الحبتور عن انسحابه يشكل نكسة كبيرة لآمال اللبنانيين بمستقبل اقتصادي أفضل. فهو لم يكن مجرد مستثمر، بل داعم رئيسي للاستقرار وفرص العمل، ورمزاً للثقة بين المستثمرين العرب ولبنان. رحيله يحمل رسالة قاسية بأن البيئة الاستثمارية في لبنان لم تعد ملائمة، وأنه لم يعد بالإمكان تحمل المزيد من التدهور.

دعوة عاجلة للمسؤولين اللبنانيين

ترك الحبتور لبنان يجب أن يكون جرس إنذار للمسؤولين اللبنانيين، ونداءً عاجلاً لإعادة تصحيح المسار. فالبلاد تعاني من أزمة ثقة غير مسبوقة، ليس فقط بين مواطنيها وحكومتها، بل أيضاً مع المستثمرين العرب والدوليين. إن استمرار الانقسامات السياسية، وغياب الأمن والاستقرار، وتفشي المحاصصة والفساد، يجعل من الصعب جذب رؤوس الأموال أو حتى الاحتفاظ بالمستثمرين الحاليين.

المطلوب اليوم هو وقفة جدية وحوار شفاف بين الحكومة اللبنانية والمستثمرين العرب، وعلى رأسهم خلف الحبتور. هذا الحوار يجب أن يكون قائماً على رؤية حقيقية لتأمين بيئة قانونية وآمنة للاستثمار، واستعادة هيبة الدولة، بعيداً عن المصالح الضيقة والتبعية السياسية.

أهمية المستثمرين العرب في نهوض لبنان

لطالما كان للمستثمرين العرب، مثل خلف الحبتور، دور أساسي في دعم الاقتصاد اللبناني وتطوير بنيته التحتية. انسحابهم يعني فقدان فرص هائلة للنمو والتوظيف، في وقت يحتاج فيه لبنان بشدة إلى كل دعم خارجي ممكن. لذلك، الحفاظ على هذه العلاقة لا يتعلق فقط بمصلحة اقتصادية، بل أيضاً بمصلحة ثقافية واجتماعية تعزز من الروابط التاريخية بين لبنان والعالم العربي.

رسالة الحبتور: لبنان يستحق الحياة

رغم قراره المؤلم، لم يغلق الحبتور الباب تماماً. في تصريحاته، عبر عن أمله في أن يتمكن لبنان من النهوض مجدداً، مؤكداً أن أي استثمار مستقبلي سيعتمد على تشكيل حكومة كفؤة ومستقلة قادرة على استعادة الثقة المحلية والدولية. رسالة الحبتور واضحة: لبنان يستحق أن يعيش وأن ينهض بشعبه، ولكن ذلك يتطلب قيادات تعمل بإخلاص وتضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

في الختام، خسر لبنان بخروج الحبتور مستثمراً كبيراً وصديقاً حقيقياً. لكنه لا يزال يمتلك فرصة لاستعادة الثقة إذا ما اتخذ المسؤولون اللبنانيون قرارات حاسمة لإصلاح البلاد وإعادة بناء الثقة مع المستثمرين. الكرة اليوم في ملعب الحكومة اللبنانية، وعليها أن تثبت أنها على قدر التحدي، لأن لبنان لا يحتمل المزيد من الخسائر.


المصدر : Transparency News