تستمر أزمة الحدود اللبنانية-السورية كملف شائك يختزل تعقيدات تاريخية وسياسية واقتصادية، حيث تتحول الحدود بين البلدين إلى مسرح للأنشطة غير الشرعية والاشتباكات المتكررة.


منذ استقلال لبنان وسوريا، بقيت قضية الحدود المشتركة عالقة في دوامة التجاذبات السياسية، خاصة مع السياسات السورية التي عملت على إبقاء لبنان ضمن نفوذها الاستراتيجي. هذه الأزمة تحولت مع مرور الوقت إلى بؤرة للأنشطة غير الشرعية، من تهريب السلع والسلاح إلى تسلل الأفراد، لتصبح أزمة جغرافية وسياسية يصعب تجاوزها.

ورغم الدعوات اللبنانية المتكررة لترسيم الحدود، ظلّ الموقف السوري غائباً عن التجاوب، حيث يرى النظام السوري أن الاعتراف بترسيم الحدود يُعد إقراراً بسيادة لبنان الكاملة، وهو ما يرفضه منذ عقود. التصعيد الأخير عند الحدود في بلدتي سرغايا ومعربون دفع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، التي أكدت احترامها لسيادة لبنان لكنها أرجأت الحل لأسباب تتعلق بتعقيدات الوضع الراهن.

من جهة أخرى، تتزايد عمليات التهريب من وإلى سوريا، مما يهدد الاقتصاد اللبناني ويستنزف موارده، في وقت تبذل فيه الأجهزة الأمنية اللبنانية جهوداً كبيرة لضبط الحدود، خاصة في المناطق الجبلية الوعرة. كما أن المشهد الحدودي يشهد تصعيداً من بعض الأطراف الإقليمية والجماعات المسلحة، مما يثير مخاوف من محاولات جر لبنان إلى أزمات جديدة ذات أبعاد طائفية وإقليمية.

اللقاءات الأخيرة بين المسؤولين العسكريين في لبنان وسوريا فتحت المجال لتنسيق أكبر لضبط الحدود، لكنها أكدت على الحاجة الملحة لخطوات جدية لترسيم الحدود بين البلدين، بما يسهم في تهدئة الأوضاع وإنهاء استغلال الحدود كملاذ للفوضى.


المصدر : نداء الوطن