مع اقتراب مهلة التأليف الحكومي من مراحلها الحاسمة، تتواصل المشاورات بين القوى السياسية لتذليل العقبات التي تعترض ولادة الحكومة الجديدة. إلا أن تعقيدات التفاوض وتضارب المصالح بين الأطراف المختلفة يجعل مسار التشكيل أكثر تعقيدًا، في ظل تنافس الكتل على الحصص الوزارية. وبينما يسابق الرئيس المكلف نواف سلام الزمن لإتمام مهمته، لا تزال بعض العقد تحول دون بلوغ الصيغة النهائية، وسط ضغوط داخلية وخارجية للإسراع في تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد.


من المتوقع أن تتضح صورة التشكيلة الحكومية خلال الـ48 ساعة المقبلة، وسط استمرار المشاورات لتذليل العقبات التي تعرقل ولادتها. إلا أن شهية القوى السياسية لحصد المكاسب الوزارية جعلت مهمة الرئيس المكلف نواف سلام أكثر تعقيدًا، مما أدى إلى تأخير تحقيق هدفه بإعلان الحكومة هذا الأسبوع.

وعلى الرغم من الحديث عن قرب التأليف، جاء تصريح الرئيس سلام عبر منصة "أكس" لينفي صحة هذه الأنباء، مؤكدًا أن ما يتم تداوله مجرد شائعات تهدف إلى إثارة البلبلة، مشددًا على أنه لا توجد أسماء أو حقائب محسومة بعد، وأنه يعمل بلا توقف لإنجاز التشكيلة.

وأشار مراقبون إلى أن مسار المشاورات لا يزال يواجه عراقيل، حيث إن كلما تم التوصل إلى حل لعقدة ما، تبرز عراقيل أخرى تعيق إتمام التشكيلة، مما دفع الرئيس سلام إلى الامتناع عن تحديد موعد محدد لزيارة القصر الجمهوري وتقديم لائحة الأسماء المقترحة لرئيس الجمهورية.

في هذا السياق، كشفت المعلومات أن رئيس مجلس النواب نبيه بري التقى الرئيس سلام بعيدًا عن الأضواء في عين التينة، حيث تم الاتفاق على الحصة الشيعية، وخاصة حقيبة المالية التي حُسمت لصالح النائب السابق ياسين جابر. ورغم تأكيد بري عدم وجود مشاكل مع الرئيس المكلف، إلا أنه توقع أن يُحسم التشكيل هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.

في المقابل، لا تزال العقدة المسيحية تشكل عقبة رئيسية أمام التأليف، حيث أفادت المعلومات بأن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أبلغ الرئيس سلام أنه في حال طالبت القوات اللبنانية بأربع حقائب، فإنه يطالب بخمس، مشددًا على أن التيار لا يزال القوة الأكبر في الساحة المسيحية، رغم خروج بعض النواب من تكتل "لبنان القوي".

من جهته، لا يُخفي رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون استياءه من أسلوب القوى السياسية في التعامل مع عملية التشكيل، معتبرًا أن كل يوم يمر بدون حكومة كاملة المواصفات يُضر بمصلحة لبنان، في وقت يسعى فيه إلى إطلاق ورشة إعادة الإعمار وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة دوليًا لدعم البلاد.

على صعيد آخر، تحدث مصدر نيابي عن قلق دولي حيال التطورات الأخيرة في الجنوب، حيث كان يُفترض بالأهالي انتظار دخول الجيش إلى قراهم بالتزامن مع انتهاء المهلة المحددة لوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية، دون اللجوء إلى التصعيد. ولم يستبعد المصدر أن تلجأ بعض الدول المعنية بالملف اللبناني إلى ممارسة المزيد من الضغوط على "حزب الله"، الذي أكد بدوره أنه مستعد لأي سيناريو ولن يتراجع عن مواقفه.

أما على مستوى شكل الحكومة، فقد أكد المصدر النيابي أن هناك رغبة مشتركة بين الرئيسين عون وسلام، مدعومة بتشجيع دولي، بأن تتألف الحكومة من شخصيات اختصاصية غير حزبية، وإن كانت مسمّاة من قبل الأحزاب، مع ضمان تمثيل المرأة في التشكيلة. ومع ذلك، تبقى الأسماء قابلة للتبديل حتى اللحظات الأخيرة قبل أن يحمل الرئيس المكلف لائحته إلى قصر بعبدا لإعلان التشكيل رسميًا.


المصدر : اللواء