إعمار لبنان: أولويات الحكومة الجديدة لإنقاذ الاقتصاد
29-01-2025 08:44 AM GMT+02:00
بينما يواصل الرئيس المكلف محاولاته لتشكيل حكومته، يزداد الوضع الاقتصادي في لبنان تعقيدًا مع تراكم الملفات والاستحقاقات الضاغطة. البلاد بحاجة ماسة إلى ورشة اقتصادية شاملة لا يمكن تأجيلها، إذ يتطلب الأمر تدابير فورية تظهر في أولى جلسات الحكومة المنتظرة. ومن بين هذه الأولويات، تبرز ورشة إعادة الإعمار التي باتت ضرورية بعد الحرب، ويفترض أن تشكل أولى الخطوات التي تتكامل مع بقية الإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها الخبراء.
إعادة الإعمار أولاً
يشير خليل جبارة، أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية - الأميركية، إلى ضرورة أن تضع الحكومة خطة شاملة لإعادة الإعمار، معتبرًا أن الجهات الرسمية لم تتخذ خطوات ملموسة حتى اليوم سوى بعض الاتفاقات لإزالة الردم. ويوضح أن الخطة يجب أن تشمل الجوانب الهندسية والتقنية مع وضع آلية تنفيذية واضحة، مقترحًا إنشاء صندوق ائتماني متعدد المانحين لإدارة الأموال وتحديد المشاريع.
الإصلاحات الاقتصادية لا تقل أهمية
إلى جانب إعادة الإعمار، يرى جبارة أن الحكومة يجب أن تبدأ بتطبيق برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي، يتضمن عدة ركائز أساسية، مثل إعادة هيكلة القطاع العام، وإصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، خاصة في قطاع الكهرباء الذي يعاني من خسائر كبيرة. كما يُركز على ضرورة تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد، وإقامة نظام نقدي موثوق يساعد في استعادة الاستقرار المالي.
الإنقاذ قبل النمو
من جهته، يعتقد الخبير في الاقتصاد والمخاطر المصرفية محمد فحيلي أن الحديث عن الإصلاحات الكبرى في الوقت الحالي سابق لأوانه، ويؤكد على أهمية التركيز أولاً على إنقاذ الاقتصاد من الأزمة. يشير فحيلي إلى أن الطريق الصحيح يبدأ بالإنعاش والتعافي، ليأتي النمو بعد ذلك. ويُضيف أن الحكومة يجب أن تستعيد ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، عبر الشفافية والمصداقية في إدارة الأزمات.
إعادة إعمار لبنان: معايير الشفافية
يرى فحيلي أن إعادة الإعمار يجب أن تتم تحت إشراف الدولة فقط، مع رفض أي تدخلات خارجية، سواء من "حزب الله" أو غيره، في هذا الملف. ويشدد على ضرورة تقديم تقديرات دقيقة للأضرار والشفافية في التعامل مع الأموال المخصصة للإعمار. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر مسحًا تقنيًا شاملاً للأضرار، من أجل تحديد الأولويات بوضوح.
تحديات أخرى: النظام المصرفي واللائحة الرمادية
يواجه القطاع المصرفي في لبنان تحديات كبيرة بعد التعثر الناتج عن السياسات الحكومية السابقة، ويشدد فحيلي على أهمية إصلاح هذا القطاع لتحفيز الاقتصاد. كما يوضح أن إخراج لبنان من "اللائحة الرمادية" لمجموعة العمل المالي يتطلب تحسين الرقابة وتعزيز الشفافية في التعامل مع المؤسسات المالية.
الوجود السوري وتأثيره على الاقتصاد
أخيرًا، يشير فحيلي إلى أن تداعيات سقوط نظام الأسد في سوريا قد تساهم في خلق تحديات إضافية للاقتصاد اللبناني، بسبب العودة المرتقبة للاجئين السوريين. ورغم أن وجودهم كان قد ساهم في بعض القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والبناء، إلا أن رحيلهم قد يضغط على السوق ويزيد من الأعباء الاقتصادية.
المصدر : نداء الوطن