مع استمرار التوتر في الجنوب اللبناني، تتجه الأنظار إلى ملف تشكيل الحكومة، الذي لا يزال عالقًا وسط تعقيدات سياسية وضغوط خارجية. وبينما يسعى الرئيس المكلف إلى إعادة بناء التوليفة الوزارية وفق معايير محددة، تتزايد الشكوك حول ارتباط مسار التأليف بالتطورات الأمنية والضغوط الأميركية.


للليوم الخامس على التوالي، يستمر التوتر في الجنوب، بينما تعيش مشاورات تشكيل الحكومة حالة من التعقيد داخل "غرفة العناية الفائقة"، في ظل سعي الرئيس المكلف لإعادة صياغة التوليفة الوزارية وفق معايير محددة أعلن عنها قبل أيام.

ورغم تأخير إعلان التشكيلة الوزارية، الذي يراعي الاعتبارات الدستورية، لا يزال الرئيس المكلف ينتظر ترشيحات إضافية من الكتل النيابية لضمان حسن الاختيار من دون المساس بحقوق أي طرف أو تجاوز المعايير المتفق عليها.

وتُعدّ وزارة المال العقدة الأساسية في المشاورات، خصوصًا مع الجدل الدائر حول ترشيح النائب السابق ياسين جابر. كما أن الأسماء التي طرحها "حزب الله" لعدد من الحقائب الوزارية لا تزال قيد التدقيق، وسط مطالبات بتقديم أسماء بديلة.

وتشير المعلومات إلى أن الرئيسين يسعيان إلى توزير شخصية مستقلة من كل طائفة، لا سيما من الطوائف الكبرى، على أن تُمنح الكتل السياسية حق ترشيح أربعة وزراء، فيما يكون الخامس من اختيار الرئيس المكلف أو رئيس الجمهورية.

وفي هذا السياق، عقد الرئيس المكلف اجتماعات متكررة مع "الخليلين" – النائب علي حسن خليل (أمل) والحاج حسين خليل (حزب الله) – لمناقشة التطورات ومسألة تسمية وزير المالية.

وأكدت مصادر مطلعة أن الرئيس المكلف متمسك بخياراته، مشددًا على أنه لن يختار سوى شخصيات مستقلة وغير حزبية، ذات خلفيات أكاديمية واقتصادية، ويفضل أن يكون بعضها من أساتذة الجامعة الأميركية أو من الأطباء العاملين في مستشفاها.

في غضون ذلك، تتوالى الزيارات الدبلوماسية إلى بيروت، حيث يصل اليوم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي حاملاً رسالة دعم من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الرئيس اللبناني. كما من المنتظر عودة الموفد السعودي يزيد بن فرحان خلال 48 ساعة، في إطار مساعٍ عربية لدعم العهد الجديد وتسهيل تشكيل الحكومة.

في المقابل، تثير التدخلات والضغوط الأميركية مخاوف بشأن ارتباط تشكيل الحكومة بملف الجنوب، خصوصًا بعد تصريحات مسؤولين أميركيين بضرورة منع "حزب الله" من السيطرة على القرار الحكومي. وقد اعترف نائب مستقل على صلة بالدول الراعية للوضع اللبناني، بأن الأميركيين يضغطون لاستبعاد الحزب، وهو ما يعقّد المشهد الداخلي.

وفي ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب وتأخر لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار في اتخاذ إجراءات حاسمة، تتعزز الشكوك حول الأهداف الأميركية في لبنان، وسط مساعٍ واضحة لترتيب المشهد السياسي والأمني والاقتصادي بما يخدم المصالح الأميركية في المنطقة.

أما داخليًا، فقد نفى "التيار الوطني الحر" مطالبته بحقائب معينة، مشددًا على ضرورة الالتزام بالمبادئ الدستورية في تشكيل الحكومة، داعيًا جميع الأطراف إلى التعاطي بواقعية لتسهيل ولادة الحكومة بعيدًا عن المغامرات السياسية التي قد تزيد من تعقيد المشهد اللبناني.


المصدر : اللواء