العهد يتعثر في خطواته .
منذ 2 ساعة
لاشك ان العهد الحالي وما رافقه من حِراك عربي ودولي ساهمت في تمكنه من تغيير بعض الظروف والتي اوصلت العماد جوزيف عون الى سدة الرئاسة الاولى بعد ما كان يعترض طريقه العديد من العثرات، واتى خطاب القسم الذي ادلى به الرئيس عون من على منصة مجلس النواب ، وما حمله للبنانيين ولبنان الكثير من الاحلام التي يحلموا بها ومن وعود بالاصلاح ، وما تلاه ثم منبسرعة في تحديد الدعوة ومواعيد للكتل النيابية والنواب المستقلين لإستشارات الملزمة لتكليف رئيس للحكومة العتيدة " وما نتج عنها من تكليف للقاضي نواف سلام " حتى بدأت لعبة المشاورات والتشكيل تتعثر وتواجه صعوبات ومماحكات ومطالب في المحاصصة الطائفية لا بل المذهبية البغيضة ، مما شكل عجزاً للعهد في تجاوز ادوات الماضي وتأخر تشكيل حكومة العهد الاولى ومن ثم انطلاق العهد لتحقيق ما وعد به ، مما فرمل من سرعة انطلاقته ووضع حواجزاً في طريقه ، وخصوصاً نتيجة عقد المحاصصة والتوزير ولا سيما عقدة وزارة المالية الابرز والتي يطالب بها الثنائي امل - حزب الله واللذين يصادرون احتكار تمثيل الطائفة الشيعية الكريمة ، كونهم يصادرون حصرية التمثيل من خلال حيازتهم على السبع وعشرين نائباً الذين يمثلون عدد النواب الشيعة ، وذلك نتيجة اعتبارات كثيرة ومتعددة .
لهذا نرى ان العهد يتخبط في اولى خطواته مما حدا الى تعثر العهد وفرملة اندفاعته لسبب وحيد وبارز ، وكأنه لم يتعلم من العهود السابقة او انه لم يستطيع الخروج من العمل بادوات الماضي المستهلكة والتي اثبتت السياسات الناتجة عنها فشلها لا بل عقمها ، وذلك لان العهد اراد التجديد والتطوير لكنه وفقاً لادوات مستهلكة اثبتت فشلها مما سينعكس بالتالي على اداء العهد وذلك ما يؤدي الى احباط امآل اللبنانيين والذين استبشروا فيه خيراً ،خصوصاً مع ما رافق العهد من زخم جرعات دعم رافقته من المجتمعين العربي والدولي والذي اتى نتيجة حرب الاسناد والمشاغلة التي خاضها حزب الله وما رافقها من نكسات وهزيمة لمشروع الممانعة في المشرق العربي ، ابرزها كان سقوط نظام الاسد في سوريا بعد عقود من الحكم وعملية التحرر التي يعيشها هذه الايام الشعب العربي السوري .
لذا على العهد ان يخرج من شرنقة تأليف الحكومات والتي عمدت الى استعمالها العهود السابقة .
فالعهد الجديد عليه ان يخلق ادوت عمل جديدة تناسب الظروف والمتغيرات التي تعيشها المنطقة ويستغل ما يرافق خطواته الاولى من دعم كبير من المحيط العربي لان العمل بأدوات الماضي مصيره الفشل وأن العودة الى تشكيل حكومات ما كانت تُسمى " وحدة وطنية " تُشكل عائق اساسي في اية عملية إصلاح وتطوير للنظام اللبناني ما بعد اتفاق الطائف والذي لتاريخه لم يُطبق منه سوى القاليل القليل من إصلاحات تضمنها .
لذلك على العهد ان يتحرر من رواسب الماضي العقيم وينطلق في البدء بتطبيق نظام برلماني ديمقراطي فيه موالاة ومعارضة ، فلا يجوز وفق ذلك ان تأتي بالجميع الى الحكومة بل يجب ان تفرض اعراف ديمقراطية جديدة لتكون الانطلاقة اسرع واشمل وبالتالي يستطيع العهد البدء في ورشة الاصلاح والبناناء خصوصاً ان لحكومة العهد الاولى مها جِسام تنتظرها وابرزها تطبيق القرار الاممي ١٧٠١ وما يرافقه من قرارات ذات الصلة " ١٥٥٩ و١٦٨٠ " ، بالاضافة الى الاصلاح وإعادة الاعمار بعد إتمام الانسحاب الصهيوني مما تبقى من الاراضي الجنوبية المحتلة كما ان لهذه الحكومة مهمة التحضير لانتخابات بلدية ونيابية وما سينتج عنها من تغييرات سياسية ، مما سيساعد العهد في إتمام رؤيته للإصلاح والتغيير على كل المستويات والعمل على استكمال تطبيق إصلاحات ما تبقى من اتفاق الطائف والذي اصبح دستوراً للبلاد .
من هنا ، على العهد الإقلاع عن استعمال ادوات وعدة الشغل القديمة والتي اثبتت فشلها الذريع واستنباط ادوات جديدة تساهم بانجاح خطاب القسم وما تلاه من رؤية الرئيس المكلف يوم تكليفه من على منبر القصر الجمهوري بعد ان عاد العمل فيه بعد تعطيل وتوقف على مدى سنتين ونيف ، نتيجة عرقلة جماعة الممانعة انتخاب رئيس جديد من خارج منظومتهم ، وإلا سيمر الوقت ويجد العهد نفسه مُكبل اليدين غير قادر على التغيير والاصلاح وتطبيق تطلعاته والتي عبر عنها في خطاب القسم ، وهذا ما سيفقد الزخم العربي والدولي قوته ، وقد يذهب كل ذلك الدعم ويخرج لبنان من محيط الاولويات العربية والدولية ويبقى يتخبط بما فيه من مشاكل وازمات على شتى الاصعدة والمستويات فيتعثر الانسحاب الصهيوني وتتعثر عملية إعادة الاعمار وتتدهور اكثر فاكثر الاوضاع الاقتصادية ويستمر الفساد والذي اصبح من اولويات الادارة في لبنان وعلى كل المستويات ، وحينها يصح المثل اللبناني والذي يقول " تخبزوا بالافراح " وتذهب كل الامال التي تعلق بها اللبنانيون ادراج الرياح .
المصدر : Transparency News